يبدو أن روسيا نجحت في أول خطوة لبسط نفوذها في دول إفريقيا جنوب الصحراء على حساب فرنسا التي تستعد قواتها المنتشرة في مالي لمغادرة البلاد، تحت ضغط المجلس العسكري الحاكم في باموكو، ليتم تعويضها بمرتزقة شركة "فاغنر" الروسية. وبمواجهة ضغوط المجلس العسكري المتزايدة التي تعوق تحركها العسكري ضد الجهاديين في مالي، حذرت باريس الجمعة بأنه لم يعد بإمكانها مع شركائها الأوروبيين "البقاء على هذا النحو" في البلد. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الجمعة متحدثا لإذاعة "إر تي إل" إنه "نظرا لانهيار الإطار السياسي والإطار العسكري (في مالي) لا يمكننا البقاء على هذا النحو"، منددا ب"العقبات" المتزايدة بوجه مهمة "القوات الأوروبية والفرنسية والدولية". إهانة لفرنسا وتدهورت علاقات باماكو مع الأوروبيين كما مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي فرضت عقوبات دبلوماسية واقتصادية صارمة على مالي. والمجلس العسكري متهم بالاستعانة بمرتزقة مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية، وهو ما ينفيه. كما أعاد النظر في الاتفاقات الدفاعية مع باريس، وطلب مؤخرا من القوات الدنماركية المشاركة في قوة "تاكوبا" الأوروبية التي تقودها فرنسا مغادرة البلاد، وهو ما اعتبرته عدة مصادر فرنسية مطلعة على الملف "إهانة". وقال لودريان بعد ظهر الجمعة مع نظيره الهولندي فوبكه هوكسترا "نباشر الآن مشاورات مع شركائنا لتقييم الوضع وتكييف جهازنا مع المعطيات الجديدة". لكنه شدد على أن أي إعادة ترتيب للجهاز العسكري الفرنسي والأوروبي لمكافحة الجهاديين ستكون "قرارا جماعيا" يتخذ بعد "محادثات ومع شركائنا الأفارقة وشركائنا الأوروبيين"، بدون أن يستخدم كلمة انسحاب. غير أن وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب رد أن "مالي أيضا لا تستبعد شيئا بالنسبة لهذه المسائل إن لم تكن تأخذ بمصالحنا"، في حديث إلى إذاعة "إر إف إي" وشبكة "فرانس 24" التلفزيونية. وأوضحت وزيرة الدفاع الدنماركية ترين برامسن أن الدول المشاركة في قوة تاكوبا ستتخذ قرارا خلال أسبوعين. حتمية الانسحاب وتعتمد باريس موقفا متريثا ظاهريا، غير أن القلق يظهر في الكواليس. فالعراقيل التي يضعها المجلس العسكري، مستغلا صعود مشاعر معادية لفرنسا في المنطقة، قد تطرح في نهاية المطاف مسألة انسحاب فرنسي من مالي حيث تنشر باريس قوات منذ 2013 في عملية كلفتها حتى الآن 48 قتيلا (53 في الساحل) وملايين اليورو. وعلقت رئاسة الأركان الفرنسية أن سحب العسكريين الفرنسيين من مالي "سيستغرق أشهرا في حال تقرر ذلك"، مؤكدة في المقابل أن هذا "غير مطروح على جدول الأعمال في الوقت الحاضر".