قضت المحكمة الابتدائية بمدينة القنيطرة، ولاول مرة في ظل جائحة كورونا حكما جديدا في القضاء المغربي، اعتبر مثيرا. واعتبرت المحكمة جريمة السرقة في ظل حالة الطوارئ الصحية التي يعرفها المغرب جناية لا جنحة، مما يعتبر حكما مثيرا، كون أن جائحة “كورونا” تعد كارثة، استنادا إلى مقتضيات الفصل 510 من القانون الجنائي المغربي. وارتأت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، وفق ما جاء في حكمها، عدم البت في قضية متابعة شخصين متهمين بسرقة كبش من أحد الرعاة يوم 31 مارس الماضي، وشخص ثالث اشترى منهما الكبش، وشخص رابع كان بمعيّة المشتري لحظة عملية شراء الكبش. واعتُقل الأشخاص الأربعة الذين توبع ثلاثة منهم (السارقان ومشتري الكبش المسروق) في حالة اعتقال، بينما توبع الشخص الرابع في حالة سراح، أثناء قيام دورية للشرطة بعملها المعتاد في المراقبة للحد من الجريمة واحترام تدابير حالة الطوارئ الصحية. ولجأت المحكمة إلى الفصل 510 من القانون الجنائي المغربي، الذي ينص على أنه كلما اقترن فعل السرقة بظرف واحد من الظروف المنصوص عليها في هذا الفصل، إلا وتشددت العقوبة، وتغير وصفها، وأصبح ذا صيغة جنائية وليس جنحية، ومن تلك الظروف تعدد الفاعلين بشخصين أو أكثر، وارتكابها في وقت أي كارثة من الكوارث. وتندرج السرقة ضمن الجرائم الجنحية في الأيام العادية، وهي الجرائم التي تتراوح عقوبتها من شهر إلى خمس سنوات، لكن السرقة ترتقي إلى جناية في حال ارتكابها في ظروف خاصة، حددها الفصل 510 من القانون الجنائي، إذ يعاقَب مرتكبها بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات. ومن بين الظروف التي تتحول فيها السرقة من جنحة إلى جناية، وفق مقتضيات فصل مجموعة القانون الجنائي المذكور، ارتكابها في أوقات الحريق أو الانفجار أو الانهدام أو الفيضان، أو الغرق أو الثورة أو التمرد أو أي كارثة أخرى. واعتبرت المحكمة أن السرقة المتعددة فاعلوها، ارتُكبت أثناء حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها من طرف الحكومة. كما أنها ناتجة، أي السرقة، عن التهديد العام لحياة الأشخاص وسلامتهم، جراء انتشار فيروس “كورونا” المستجد، الذي عدّته المحكمة “كارثة”، بمفهوم الفصل 510 من القانون الجنائي. وبناء على ذلك، ارتأت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة التصريح بعدم اختصاصها النوعي للبت في هذه القضية المثيرة، بداعي أن جريمة السرقة المقترنة بظرفيْ التعدد (تعدد المتهمين فيها) وزمن الكوارث، هي من طبيعة جنائية وليست جنحية، بالنظر إلى عناصرها التكوينية المنصوص عليها في الفصل 510 من القانون الجنائي، فأحالتْها على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف.