منذ أزيد من أسبوعين ومع انتشار فيروس كورونا بالمغرب بشكل مقلق، لاحظ العديد من المراقبين أن مولاي حفيظ العلمي، رجل الأعمال الثري والذي يشغل منصب وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، يحتل كل القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية المغربية، أكثر من العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة ووزير الصحة، وكأنه اكتشف لقاحا ضد الفيروس أو وجد ابتكر جهازا للكشف عن الإصابة به أو اخترع جهاز تنفس اصطناعي. في كل دول العالم التي تحترم نفسها تنحى كل المسؤولين الحكوميين الذين لا يتحملون مسؤولية مباشرة في مكافحة جائحة كورونا وعكفوا على تسيير قطاعاتهم في صمت من داخل بيوتهم، في ظل إجراءات الحجر الصحي الذي فرضته أغلب دول العالم، وسلطت وسائل الإعلام التي تحترم نفسها الضوء على العمل الجبار الذي يقوم به الأطباء والممرضون والأخصائيون في مجال الأوبئة والمهندسون الذين يسابقون الزمن لاختراع أجهزة التنفس، والمسؤولون الأمنيون الذين يسهرون على احترام إجراءات الحجر والفئات المسحوقة التي تصارع الوباء والفقر في آن واحد. أصبح رجل الأعمال الثري مولاي حفيظ العلمي لا يضيع أية فرصة ليركب عليها وبدى في كل خرجاته الإعلامية، التي سلطت عليها الأضواء أكثر من اللازم، وكأنه في حملة انتخابية سابقة لأوانها ناسيا أو متناسيا أن الوضع الذي تجتازه المملكة جد حساس ويستدعي تظافر كل الجهود مع شيء من نكران الذات والأنا. اخترع مهندسون شباب مغاربة، في وقت قياسي، جهازا للتنفس بمواصفات عالية للجودة ووفق المعايير الدولية ولكن الإعلام سلط الضوء على الوزير وهو يتجول ببدلته الأنيقة في المنصع التي سيقوم بتوفير أزيد من 500 جهاز في أقرب وقت للمستشفيات المغربية، بدل تسليط الضوء على العباقرة الذين حققوا هذا الإنجاز. قمة الإسفاف والركوب على مجهودات ال'خرين. وقبل أجهزة التنفس ركب ذات الوزير على انكباب مصانع النسيج بمختلف مناطق المغرب على توفير الكمامات الواقية ليظهر مرة أخرى بمظهر البطل وكأنه هو من يقضي الساعات الطوال أمام آلى الخياطة لتوفير هذه الكمامات التي أصبح ارتداءها إجباريا في المغرب. قليل من الحياء يا سعادة الوزير واترك الأضواء ولو قليلا للأطباء والممرضين والمهندسين والمخترعين ورجال الأمن ومن يضحون بأنفسهم ويسهرون ليل نهار على حمايتنا من الوباء.