استنكر مغاربة في داخل البلاد وخارجها نشر شركة إيطالية مختصة في ملابس الموضة، أخيراً، لصور ومقاطع فيديو تظهر فيها عارضة أزياء تقوم بتصوير وصلات إشهارية اعتماداً على حركات جسدية مثيرة، وهي بجانب نقوش حائطية تتضمن آيات قرآنية داخل إحدى باحات مدرسة تاريخية عتيقة شهيرة بمدينة مراكشجنوب المغرب. واحتج المغاربة على استغلال شركة الأزياء الإيطالية لرمزية مدرسة دينية كانت منارا لنشر العلم والأخلاق الإسلامية الفاضلة من أجل تصوير مشاهد لإعلانات تجارية مثيرة، متسائلين كيف يتم السماح لمثل هذه الشركات بالاعتداء على القيم الأصيلة للمجتمع المغربي المحافظ في أغلبه. وتعتبر مدرسة ابن يوسف بمراكش، التي صُورت فيها المشاهد الإعلانية لعارضة الأزياء المثيرة، تحفة معمارية وإحدى أشهر مدارس المغرب الأقصى، بناها السلطان أبو الحسن المريني عام 1346م، وكانت بمثابة قبلة معرفية يفد إليها طلبة العلم المُجدون، كما خرَّجت المدرسة علماء دين أجلاء طيلة فترات تاريخ المغرب. استفزاز للمغاربة ونشرت شركة "فورنارينا" الإيطالية مجموعة من الصور ومقاطع مرئية لعارضة أزياء تستعرض تشكيلة من الملابس الخفيفة زاهية الألوان تخص فصلي الربيع والصيف لسنة 2012، حيث تم التقاط لقطات ومشاهد عديدة لها وهي تقوم بحركات تتسم بالغنج والدلال لإبراز مفاتنها التي تناسب الأحذية والفساتين التي تلبسها لإشهارها، وذلك داخل فناء مدرسة "ابن يوسف" التاريخية. وتعمدت عارضة الأزياء الإيطالية الظهور في وضعيات مختلفة من خلال أخذ صور قريبة لها بجانب بعض جدران المدرسة التي تزينها آيات قرآنية كريمة، منها سورة الإخلاص، وهو الأمر الذي أثار احتجاج وغضب الكثيرين، باعتبار أن هذه الممارسات تسيء لقدسية النصوص الدينية ولا تراعي حرمة الأماكن الإسلامية والتاريخية. وقال عبد الغني بلوط، الناشط الإعلامي والمدني بمراكش، إن مقاطع الفيديو والصور المنشورة على الانترنيت تكشف أن السلطات المحلية للمدينة سمحت لشركة عالمية بتصوير مشاهد للموضة بمدرسة ابن يوسف العتيقة، دون احترام للمكانة الدينية للمدرسة عند الساكنة المحلية. أزياء صادمة ومستفزة وندد بلوط، في تصريحات ل"العربية نت"، بالصور المعروضة داخل المدرسة التاريخية، والتي تُظهر عارضات بأزياء صادمة ومستفزة، وخلفهن نقوش عربية مزينة بآيات من القرآن الكريم، مبديا استهجانه من استغلال المدرسة التي كانت منارا للعلم في تصوير مثل هذه المشاهد، في الوقت الذي يفترض أن تكون مزارا يقتدى به في إشاعة القيم الأصيلة والحفاظ عليها. وتوقع المتحدث بأن تخلف هذه الصور والمقاطع ردود فعل مستنكرة على أرض الواقع وعلى شبكة الانترنيت، مطالبا بوقف مثل هذه الأعمال التي تستفز مشاعر المغاربة، مسجلا أن هاته الحادثة تكاد تشبه سماح سلطات المدينة بتصوير مقاطع من المسلسل الأمريكي "الجنس والمدينة" داخل مآثر تاريخية بالمدينة الحمراء، والذي أثار حينها موجة من الاحتجاج بسبب إهانته للثقافة المحلية. ولفت بلوط إلى أن مدرسة ابن يوسف أضحت فضاء يزوره السياح بعد أن جُردت من وظيفتها التقليدية، وتتوفر على تراث غني سواء من حيث هندسة البناء أو النقوش الممتازة والدقيقة التي وظفت فيها آيات من القرآن الكريم، كما تحتوي على عدد من الغرف الرائعة تؤشر على تاريخ وظروف تحصيل طلبة العلم في غابر الأزمان. غضب مغاربة إيطاليا ومن جهته، أفاد كمال ملين أحد أفراد الجالية المغربية في مدينة كاتانيا في إقليم صقلية بإيطاليا، بأن عددا كبيرا من المغاربة الذين يقيمون ويشتغلون في هذه المدينة، وفي باقي المدن والمقاطعات الإيطالية، استاءوا من الصور التي اطلعوا عليها في مواقع الانترنت، وعند نشر شركة "فورنارينا" لمقطع فيديو عارضة الأزياء بجانب الآيات القرآنية داخل مدرسة ابن يوسف. وزاد المهاجر المغربي في إيطاليا، في اتصال مع "العربية نت"، بأن عددا من المغاربة عبروا عن احتجاجهم على شركة عروض الأزياء تلك، لعدم احترامها لمقدسات المسلمين، حيث تعمدت تصوير فتاة بملابس شبه عارية بجانب آيات من كلام الله تعالى، وهو ما لا يمكن القبول به، وحمَّل المتحدث المسؤولية كاملة للسلطات بالمغرب التي سمحت بالتصوير داخل تلك المدرسة الدينية والتاريخية. ونفس الاستياء عبّر عنه مغاربة في المواقع والمنتديات الإلكترونية، حيث قال أحدهم إن الخشية تكمن في "أن تصبح مثل هذه التصرفات عادة مقبولة على غرار عادات أخرى كانت بالأمس القريب تثير غيرة المغاربة، وصارت لا تحرك الآن غيرتنا على عاداتنا وديننا".