علاكوش يترأس المؤتمر الإقليمي لمسيري المصالح المادية والمالية بتطوان    'شكل وصحة العقد التوثيقي بين الممارسة التوثيقية والعمل القضائي" موضوع يوم دراسي باكادير    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    ماكرون منتقدا قرارات ترامب.. مشكلتكم هي الصين وليس الاتحاد الأوروبي    علماء أمريكيون يطورون كاميرا فائقة السرعة تعالج الصور فور التقاطها    الذكاء الاصطناعي يجعل عمليات الاحتيال عبر الإنترنت أكثر تعقيدا    المغرب يقترب من التأهل التاريخي إلى مونديال 2026 بعد إقصاء هذا المنتخب    زريدة خارج أسوار الرجاء صوب الاتحاد الليبي    تسجيل 160 جريمة في أماكن العبادة خلال 2024    كيوسك الإثنين | المغرب يسجل أكثر من 8 آلاف إصابة سنويا بسرطان الرئة    ترامب: أمريكا قد تفقد صبرها تجاه وقف إطلاق النار في غزة بعد الحالة المتردية لرهائن إسرائيليين    تعيين البرتغالي ألكسندر دوس سانتوس مدربا جديدا لنادي الجيش الملكي    قادة العالم يبحثون مستقبل الذكاء الاصطناعي بفرنسا    بولعجول يرد على "الفحص التقني"    حركة استقلال القبائل تفتح قنوات الاتصال مع إدارة ترامب ووزير خارجية وتطلب فرض عقوبات على النظام الجزائري    طقس الإثنين.. صقيع وضباب في عدة مناطق    السعودية تطيح ب 3 شبكات إجرامية لتهريب المخدرات    غابة الحوزية: الرئة الخضراء تحت تهديد الانقراض    وزير الحج السعودي يزور المغرب اليوم    ترامب مٌصرّ على تهجير الفلسطينيين: ملتزم بشراء غزة وسأعطي أجزاء من القطاع لدول أخرى في المنطقة    بكراوي يهدي "إستوريل" هدفين    تدخل ناجح للوقاية المدنية لإنقاذ مسن بعد سقوطه بسطح منزله في طنجة (فيديو)    الوداد يهزم الحسنية بثنائية نظيفة    ليس بينها المغرب.. الرياض ودول عربية تعلن "الرفض القاطع" لتصريحات نتنياهو عن دولة فلسطينية في السعودية    حقينة سدود المملكة تبلغ نسبة 27.63 في المائة    السفياني ينجح في تعميم نظام إنارة LED في كامل تراب مدينة شفشاون    هذه توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    دراسة: القهوة تقلل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني    مبابي يصبح أصغر لاعب يصل إلى 500 هدف في مسيرته الرياضية    مسيرة ضد الفساد تجوب مراكش    دعوات لإنقاذ مغربية مريضة مسجونة في العراق    "أكديطال" تنفي استقدام ممرضين من الخارج وفي نفس الوقت تؤكد انفتاحها على الكفاءات الأجنبية    "الوصايا".. فيلم جديد لعكرود يناقش معاناة المرأة المغربية ودواعي تعديل مدونة الأسرة    أكبر مركزية نقابية تقاطع الوزير السكوري بسبب تزوير نسب الإضراب العام وتؤكد تنامي الاحتقان الاجتماعي    تعيين البرتغالي ألكسندر دوس سانتوس مدربا جديدا لفريق "الجيش الملكي"    تهجير الفلسطينيين للمغرب: الكذبة الكبيرة!    تراجع حاد في أعداد الأكباش يثير المخاوف ويرجح إلغاء الأضحية    عبد النباوي: مواقع التواصل مليئة بالمنكرات والقانون وحده لا يكفي لضبطها    زكية الدريوش: "الحوت بثمن معقول" يعود في رمضان    أستاذ بكلية الآداب بتطوان يفوز بالمرتبة الأولى لجائزة الدوحة للكتاب العربي    تطوان شهدت 43 حالة انتحار و10 جرائم قتل خلال سنة 2024    نزار بركة يؤكد على تعزيز التنظيم الحزبي واستعدادات "الاستقلال" للاستحقاقات المقبلة    السغروشني: المغرب يراهن على ريادة الأعمال والابتكار في الاستراتيجية الرقمية 2030    تفاصيل اتفاق مغربي-ليبي لتعزيز التعاون في قطاع الصيد البحري وتربية الأحياء المائية    جائزة الحسن الثاني-كأس للا مريم للغولف: الأمير مولاي رشيد يترأس حفل تسليم الجوائز للفائزين    الشاب خالد يستقر نهائيا في طنجة عروس الشمال    مسرح محمد الخامس يستقبل معرض "أصداء" للفنانة هدى بنجلون    الاتحاد الأوروبي يسمح باستخدام مسحوق حشرات في الأغذية    الشيخ محمد بن راشد يتوج الفائزين بجائزة صناع الأمل لتكريم أصحاب العطاء    وداعا للشراهة في تناول الطعام.. دراسة تكشف عن نتائج غير متوقعة    "للحكمة، لا يكفي الصمت" لكوكاس.. كتابة بالإبر تشبه منديل عرس    سفيان الشاط يحصل على الدكتوراه بميزة مشرف جدًا مع التوصية بالنشر    "فحوص بوحمرون" تسجل إصابات مؤكدة في 11 مؤسسة تعليمية بطنجة    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدي الزوين .. التاريخ والأمل

عندما نتحدث عن سيدي الزوين كتاريخ وثقافة وهوية فإننا نتحدث عن منطقة لها جذور ضاربة في عمق الزمن وفروع باسقات في جو السماء ، لا يمكن أن نزور مراكش الحمراء و نتجول في معالمها الخالدة ونعانق اسوارها التي تحكي حكايات الزمن العتيق واخبار المرابطين والموحدين دون أن نسأل عن المعالم القرآنية والمنارات الروحية لهذه الجهة – جهة مراكش أسفي – وبكل تأكيد لن يعدم السائل الجواب الساطع ، فمنطقة سيدي الزين تأتي في طليعة كل المعالم والمنارات العتيقة.
على بعد 30 كلم وانت تطوي الطريق نحو مدينة أكادير تطالعك علامة الاتجاه نحو اليمين تخبرك أنك على مشارف سيدي الزوين ، إنها 6 كلم فقط التي تفصلك عن التاريخ والحضارة القرآنية العريقة ، أول ما يخطف الأنظار المآذن والقباب الخضراء للمدرسة القرآنية الزوينية ، في كل حي مسجد وفي كل مسجد حكاية ورواية ، و في كل درب دروب من التاريخ شاهدة على تنوع الثقافات واختلافها باختلاف مشارب ساكنة سيدي الزوين الذين ينحدرون في كل مكان من المغرب الحبيب.
لقد أخذت المنطقة من اسم شيخها الكثير ، فهو الشيخ سيدي محمد بن محمد بن علي الزيراري النخلي العمري الملقب ب ” الزوين ” في زيرارة نواحي الغرب خلال القرن 19 ، كان شيخا حافظا لكتاب الله بمختلف الروايات والقراءات السبع والعشر ، تلقى القراءة في قبيلة “أحمر “نواحي الشماعية إقليم أسفي ثم انتقل إلى الجنوب لتلقي العلم في ” تامكروت ” و هو اليوم دفين ضريح باسمه يوجد بجوار المدرسة العتيقة التي أسسها سنة 1245 هجرية الموافق 1825 ميلادية ، فقد ظل حريصا على تعليم القران الكريم والقراءات والعلم لطلبته إلى توفاه الله تعالى سنة 1311 هجرية الموافق ل 1894 ميلادية.
حظيت المنطقة والمدرسة القرآنية على وجه الخصوص بعناية كبيرة من طرف الدولة العلوية ، حيث زارها السلطان مولاي الحسن الأول ، ونالت أيضا عناية فائقة من طرف جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه باعتبارها من بين المدارس القليلة في العالم الاسلامي التي تدرس القران بالقراءات السبع والعشر ، فقد أسس بها يوم 22 ماي 1991 المركب القرآني الجديد الذي اصبح يولي اهتماما خاصا بكتاب الله تعالى حفظا وتعلما ، وذلك بمنهجية علمية حديثة تعتمد الموازنة بين التعليم العتيق والدراسة الحديثة.
لأول وهلة وأنت تطالع هذه المعطيات التاريخية والثقافية والروحية العميقة ، تستشعر وكأنك في منطقة تعج بالزوار الوافدين من كل فج عميق من داخل وخارج المغرب و تحس بالدفء والرغبة في معانقة المنطقة واستلام أزقتها ودروبها بالأحضان ، لكن قد يخيب هذا الشعور حين تطالعك الدروب و الأزقة بالمنازل الترابية القديمة و الخرب المتناثرة هنا وهناك في غياب شبه تام لأبسط المرافق العمومية التي تحفظ كرامة المواطن و تضمن له العيش الكريم.
في سيدي الزين يختلط التاريخ بالألم والحزن ، ففي جنبات المدرسة العتيقة تسمع للقرآن دويا كدوي النحل .. هنا جماعة تقرأ سورة ، وهناك أخرى تراجع مثنا في القراءات .. و في مكان آخر تجد الشباب تجاذبون أطراف الحديث في المقاهي التي تستقبل الزائر لأول وهلة في مدخل سيدي الزوين بعد مقر المجلس الجماعي الذي يعيش هو الآخر قصص المد والجزر مع الساكنة وحاجيات المنطقة المتزايدة.
في سيدي الزوين أحاديث التنمية المنتظرة على كل لسان ، يتجمع الشباب كل يوم يحكون حكايات الانتخابات وأخبار المجالس الجماعية المتعاقبة على تسيير الشأن المحلي بالمنطقة ، يتحدثون عن المنجزات والاخفاقات و التطلعات والآمال و مسيرات النضال والاعتصامات وأخبار الجرائد والمقالات … ههم معانقة اليوم الذي تقفز فيه منطقة سيدي الزوين نحو سماء التنمية والكرامة والعيش الكريم ، حلمهم أن تجد الأجيال المقبلة أرضا خصبة لتنمية المواهب و تطوير القدرات و ترجمة الآمال و الأحلام في أرض الواقع كما هو الشأن في العديد من مناطق المملكة و التي ليست لها معشار ما لسيدي الزوين من التاريخ و الإرث الثقافي والديني .. لكنها بقيت رهينة سياسات فاشلة و أيديولوجيات فكرية مهيمنة.
ماذا نريد في سيدي الزوين ؟
في سيدي الزوين نريد صون الإنسان و العيش الكريم ، نريد أن يجد المواطن البسيط سبل الاستقرار و الاطمئنان على نفسه وأبناءه وأحفاده ، نريد أن يجد الطبيب المعالج و المستشفى القريب الذي يقدم الخدامات الطبية اللازمة في كل الأوقات ، نريد المرافق العمومية اللازمة لتيسير خدمات الساكنة .. نريد مرافق الراحة والاستجمام لساكنة عاشت العديد من السنوات في بيوت ترابية قديمة معدومة عانت ولا تزال تعاني مع تعثر تصاميم التهيئة والصرف الصحي و البنية التحية المتهالكة .. فمنطقة سيدي الزوين تفتقر لملاعب القرب في شتى الرياضات ، تفتقر للحدائق التي من شأنها التخفيف من الضغط النفسي لدى الاسرة وخاصة الأطفال.
ما نريده في سيدي الزوين هو أن تسترجع المنطقة إشعاعها الروحي و الديني ، و ذلك عن طريق تقوية دور المدرسة العتيقة في تعليم الشباب والانفتاح على المنطقة و مكوناتها الثقافية و الدينية والشبابية.
إن المدرسة العتيقة يمكن لها أن تحتضن الندوات والمحاضرات واللقاءات التواصلية التي من شأنها تأطير الشباب حتى ما خارج دائرة الطلبة الرسميين في المؤسسة ، وهذا الدور يمكن له أن يستقطب العديد من الفعاليات الفكرية والدينية والثقافية من داخل و خارج المغرب ، فحلمنا في سيدي الزوين أن تكون منطقة الملتقيات الدينية والثقافية الدولية والوطنية ، وهذا ما نطمح له من خلال التعريف بالمنطقة ومشاركة تراثها مع إخواننا من مغاربة العالم.
نريد من مغاربة العالم ايضا تخصيص زيارات متكررة لسيدي الزوين، ومشاركة المنطقة بأفكار تنموية جديدة وجديرة بالاهتمام والتي من شأنها النهوض بالمنطقة والتعريف بها وخلق فرص جديدة للتنمية والاستثمار.
نريد عقد شراكات استراتيجية حقيقية و فاعلة بين مكونات المجتمع المدني بالمنطقة و بين جمعيات المجتمع المدني بالخارج قصد الاستفادة من التجارب والخبرات وتبادل الافكار و الافادة من البرامج التنموية والدعم المادي والمعنوي واللوجيستي . فلا يخفى الدور الفعال الذي يضطلع به مغاربة العالم في بناء مسلسل التنمية في المغرب منذ زمن.
إن سيدي الزوين قد تبدوا للوهلة الأولي منطقة نائية وبعيدة جدا عن فرص الاقلاع التنموية والاقتصادي ، لكن بخبرات الجمعيات والتعاونيات والمنظمات في الخارج والداخل ايضا قد تفتح آفاق جديدة فيها من الإبداع ما قد يفيد في زرع الأمل في نفوس الشباب و ايقاظ قدراتهم الدفينة و الخلاقة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.