كتبت صحيفة غارديان في مستهل تعليقها أن التدخل في سوريا سيزيد القتل ولن يوقفه وأنه رغم عرقلة روسيا والصين محاولة فرض تغيير النظام فإن تسوية وليدة مفاوضات هي السبيل الوحيد لتلافي حرب أهلية. وعلى ما يبدو ليس هناك حد لثمن الدم الذي يجب أن يدفعه العرب في ربيعهم. فبعد المذابح في مصر واليمن والبحرين وليبيا ما زالت انتفاضة سوريا التي دخلت شهرها ال11 تزداد هولا. فقد خلف القصف المتواصل للأحياء التي يسيطر عليها الثوار في مدينة حمص والذي استمر أربعة أيام صورا وتقارير مروعة من معقل المعارضة في بابا عمرو حيث المساجد تمتلئ بالجثث والأشلاء منثورة بالشوارع وأحياء سكنية تحولت إلى أنقاض. وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا والصين استخدمتا سوريا لتحدي محاولة الغرب لتطويق الثورات العربية لمصالحه الخاصة. والفيتو قوى يد روسيا بنظام الأسد بينما أكد المسؤولون الروس سرا لقادة المعارضة أن النزاع مع الولاياتالمتحدة وليس معهم. وتعهد أوباما الآن بمحاولة حل المسألة بدون اللجوء إلى تدخل عسكري خارجي. لكن هذا التعهد -كما قالت الصحيفة- بعيد جدا عن استبعاد التدخل العسكري. فقادة أميركا وبريطانيا وفرنسا مشغولون بوضع تحالف إرادة جديد مع حلفائهم المستبدين في السعودية والخليج لحشد المعارضة وإجبار الأسد على التخلي عن السلطة. وقالت الصحيفة إن التدخل يحدث فعلا. فهناك تقارير بأن السعودية وقطر تمولان وتسلحان المعارضة. والجيش السوري الحر له ملاذ آمن في تركيا. ويقال إن هناك قوات خاصة غربية تقدم دعما عسكريا على الأرض. وإذا فشل هذا فإن الأممالمتحدة يمكن تجاوزها باستحضار مسؤولية حماية المدنيين كما حدث في ليبيا. لكن لا شيء من ذلك سيوقف القتل، بل سيزيده. وهذا هو الدرس الواضح من تدخل حلف شمال الأطلسي العام الماضي في ليبيا. فقد كان عدد الضحايا في البداية من ألف إلى ألفين وعند سقوط القذافي وإعدامه بعد سبعة أشهر قدر عدد الضحايا بعشرة أضعاف ذاك العدد. وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة السورية تعمل على مستويات متعددة أهمها دور سوريا كحليف إستراتيجي رئيسي لإيران وهو ما يجعل الأزمة سامة جدا في منطقة حاول فيها الغرب وعملاؤه العرب تحويل مد الصحوة العربية لمصلحتهم بتصعيد الصراع مع طهران. والإطاحة بالنظام السوري ستكون لطمة خطيرة لنفوذ إيران في الشرق الأوسط. وبعد تصاعد الصراع في سوريا تصاعدت أيضا المواجهة الغربية الإسرائيلية مع إيران. والتدخل الغربي في سوريا -ومعارضة روسيا والصين له- يمكن فهمه فقط في هذا السياق: كجزء من حرب بالوكالة ضد إيران التي تهدد بأن تكون مباشرة. وفي ذات الوقت ليس هناك ما يدل على تقدم ملحوظ في موقف النظام السوري والمعارضة. وختمت الصحيفة بأنه إذا لم تستطع المعارضة شق طريقها للسلطة ولم ينفجر النظام من الداخل فإن المخرج الوحيد من حرب أهلية متصاعدة هو تسوية سياسية تفاوضية تقود إلى انتخابات حقيقية. ولكي ينجح ذلك سيحتاج الأمر الآن إلى ضمان من القوى الرئيسية في المنطقة وما وراءها. وبديل التدخل الغربي والخليجي المستبد يمكن أن يقود فقط إلى المزيد من إراقة الدماء ويحرم السوريين من السيطرة على بلدهم.