تواجه شركات التكنولوجيا العملاقة، "غوغل" و"فيسبوك" و"تويتر"، استجوابات ساخنة أمام 3 لجان في الكونغرس الأميركي بشأن ما يقال عن استغلالها من قبل روسيا، للتأثير في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت العام الماضي. وأثارت مسألة استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في التأثير السياسي الجدل مؤخرا، ورآه بعض المحللين والمراقبين "خطرا على الديمقراطية والأمن القومي"، فيما اعتبر ارتدادا لمنحى الترحيب بدور التكنولوجيا في حرية المعلومات و"تمكين الشعوب". وتواجه شركات التكنولوجيا، خاصة تلك التي لها منصات تواصل عبر الإنترنت، انتقادات متزايدة في العامين الأخيرين، مع زيادة أعداد العمليات الإرهابية في الدول الغربية. وانتقدت السلطات في دول أوروبا التي شهدت عمليات إرهابية مؤخرا، مواقع التواصل، متهمة إياها بأنها "لا تقوم بما يكفي لمنع استخدامها من قبل الإرهابيين في التجنيد والتمويل والتخطيط". وبدأت "فيسبوك" و"تويتر" تعلن في الآونة الأخيرة بين كل فترة وأخرى، عن إجراءات للحد من محتوى الكراهية على مواقعها، ولاكتشاف ووقف الحسابات المرتبطة بالإرهاب. نعمة أم نقمة؟ وتأتي الاتهامات الأخيرة للسوشيال ميديا على عكس "التهليل" لدورها قبل سنوات قليلة فيما سمي "الربيع العربي"، وأطلق عليه الإعلام وقتها "تمكين الشعوب ودعم الحرية والديمقراطية". وقبل نحو 6 سنوات كانت العناوين في الصحف ووسائل الإعلام، بالعربية والإنجليزية وغيرها من اللغات الأخرى، عن دور "فيسبوك" في "حشد الجماهير في الشوارع والميادين لإسقاط الأنظمة والحكومات". ونتيجة ذلك اتصل كثيرون في مناطق مختلفة في بلدان المنطقة بالإنترنت، وأنشأوا حسابات على "فيسبوك" و"تويتر"، وأصبحت تلك المواقع بالنسبة لهم مصدرا للأخبار والمعلومات. ويرى خبراء الاتصال في أكثر من بلد في المنطقة أن الجماعات المغلقة التي لا تستقيم أفكارها وممارساتها مع ما هو سائد في مجتمعاتها، استغلت تلك "الفورة" عبر عدد كبير من الحسابات الوهمية لنشر أفكارها وموادها التحريضية الملفقة أحيانا والمثيرة للفتنة في أغلب الأحيان. وتحولت السوشيال ميديا الآن من نعمة إلى نقمة، وسط مخاوف الدول الغربية من ضرب استقرارها وأمنها بالإرهاب والقوى الخارجية التي تتدخل في شؤونها الداخلية. الإعلام والسوشيال ميديا ومنذ بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، بدأت وسائط التواصل تأكل من نصيب وسائل الإعلام التقليدية كمصدر للأخبار والمعلومات. ورغم اكتشاف "الفبركات" والتضليل عبر تلك الوسائط مؤخرا، فإن النيل من المصداقية طال الإعلام مثلما طال تلك الوسائط. وبرأي بعض خبراء الإعلام، فقد كان الضرر الأكبر على الإعلام التقليدي، الذي اضطر مع انتشار الإنترنت ومواقع التواصل إلى مجاراتها من أجل البقاء، متخليا عن معاييره التقليدية من ناحية المهنية والانضباط. وكما كتبت إيميلي بيل في مدونة الإعلام بصحيفة "غارديان" البريطانية قبل يومين: "رسخت السوشيال ميديا ممارسة، وراكمت ثروة، من محو الفاصل التقليدي بين المواد المنشورة (الدقيقة والمفبركة). وبينما كانت هناك دعاية وبيانات صحفية وصحافة وإعلان أصبح لدينا (محتوى). وبينما كان هناك تسويق وإعلانات وترويج أصبح لدينا (عائد تجاري)، وبينما كان هناك ناشرون ووكالات إعلان وزبائن أصبح لدينا (شركاء)". وبرأي الكاتبة المتخصصة بشؤون الإعلام، فإن خطر السوشيال ميديا بدأ بزوال تلك الخطوط الفاصلة بين الإعلام وغيره.