قال قادة أحزاب «الكتلة الديمقراطية» المغربية التي تضم أحزاب «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، و«التقدم والاشتراكية» إنهم لم يناقشوا فكرة توسيع الكتلة لضم حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، الذي تشير بعض التوقعات إلى احتمال فوزه بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، كما أنهم لم يفصلوا في موضوع تقديم مرشح مشترك في الانتخابات المقبلة لصعوبة تطبيق ذلك مع نمط الاقتراح الحالي، مشيرين إلى أن الأمر قد يقتصر على دوائر محدودة. ووقع قادة أحزاب الكتلة الديمقراطية أمس بالرباط، على أرضية عمل مشتركة أطلقوا عليها اسم «تعاقد جديد للمستقبل» قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات التشريعية المبكرة، مؤكدين أن الأمر لا يتعلق ببرنامج انتخابي ولا حكومي، بل بمشروع مجتمعي للمغرب الجديد، يقوم على أساس العمل على «تنزيل حقيقي لمضامين الدستور الجديد ليصبح واقعا معاشا". وذكر قادة الأحزاب السياسية في لقاء صحافي مشترك على الدور الرئيسي الذي لعبته أحزاب الكتلة في مختلف مراحل الإصلاح الدستوري والسياسي، الذي عرفه المغرب منذ 1992 إلى الآن، مؤكدين أن الكتلة ليس «تحالفا ظرفيا» بل مشروع إصلاحي على المدى الطويل، وأن الكتلة «لم تمت بل ما زالت حية وتتجدد»، ولم يخل اللقاء من توجيه انتقادات ضمنية لتحالفات حزبية وصفت بأنها «غير منطقية»، في إشارة إلى التحالف، الذي ضم ثمانية أحزاب سياسية من بينها حزبان من المعارضة، وآخران من الغالبية. وفي هذا السياق، قال عباس الفاسي، رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب الاستقلال، إن المتشائمين الذين كانوا يقولون في تحليلاتهم إن الكتلة انتهت، أو تحتضر أو ماتت، نؤكد لهم أنها ما زالت حية، وتتجدد باستمرار بسبب ثقة الشعب فيها لأنها امتداد لتاريخ الحركة الوطنية. وأضاف أنه وقع فتور أحيانا، أرجعه إلى انشغال الأحزاب الثلاثة بتنظيم مؤتمراتها، وبالتحضير للانتخابات التشريعية، ثم البلدية. وقال إن الكتلة تعلن اليوم عن «وثبة جديدة". وأوضح الفاسي أن هناك حملة ضد الأحزاب كلها، وضد أحزاب الكتلة بشكل خاص، مشيرا إلى وجود ارتباك في المشهد السياسي المغربي، مرده إلى أن هناك أغلبية «غير منطقية وغير عقلانية»، حسب تعبيره. وأضاف أن الأغلبية لا يمكن أن تستمر بنجاعة إلا إذا كانت الأحزاب المشكلة منها تتمتع كلها باستقلالية القرار، في حين أن هذا الأمر لم يحدث منذ 1963 حتى الآن، مشيرا إلى أن الاشتراكية لا يمكن أن تتحالف مع الرأسمالية، في إشارة ضمنية إلى تحالف الأحزاب الثمانية المكونة من عدة تيارات سياسية ذات توجهات مختلفة. وأعطى الفاسي مثالا على تأثير غياب الانسجام بين أحزاب الأغلبية الحالية، وقال إنه للمرة الأولى اقترحت الحكومة إنشاء صندوق للتضامن الاجتماعي لمساعدة الفئات الفقيرة، إلا أنه عرقل، من دون الإشارة إلى الجهة التي عرقلته. وأشار الفاسي إلى أن تطبيق الدستور الجديد يبدأ بالانتخابات التشريعية التي ستفرز أغلبية منطقية، وإذا لم تكن الانتخابات سليمة فكل شيء سينهار، وقال إن الأمل في الملك محمد السادس لأنه الضامن لنزاهة هذه الانتخابات. وردا على سؤال حول إمكانية ضم حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض إلى الكتلة، رد الفاسي باقتضاب إن توسيع الكتلة لم يطرح بعد على جدول الأعمال، بيد أنه قال إن تحالفات الكتلة ستكون حتما مع الأحزاب التي لديها استقلالية القرار من دون تسميتها. وحول إمكانية تقدم أحزاب الكتلة بمرشح مشترك في الانتخابات المقبلة، قال الفاسي، إنه لم يتم الفصل في هذا الموضوع، بالنظر إلى صعوبة تطبيقه مع نمط الاقتراع الحالي، بيد أنه أشار إلى أن الأحزاب الثلاثة بصدد بحث إمكانية تقديم مرشح مشترك في خمس أو ست دوائر. وذكر الفاسي بدور الكتلة في إقرار تعديلات دستورية عامي 1992 و1996، كما أن التعديلات الدستورية الأخيرة ساهمت فيها أحزاب الكتلة باقتراحات أساسية لم تأت في خطاب الملك محمد السادس، الذي وضع خطوطا عريضة للدستور، ولم يتطرق إلى التفاصيل، حيث طلب من الأحزاب التقدم باقتراحاتها لتعديله. من جانبه، قال عبد الواحد الراضي، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن توقيع أحزاب الكتلة على أرضية مشتركة للعمل قبيل الانتخابات التشريعية المقبلة، ليس مجرد رد فعل، أو نتيجة انتقادات وجهت إلى الكتلة بسبب الجمود الذي عرفته منذ سنوات، مشيرا إلى أن الكتلة ظلت فاعلة، لأنها ليست تحالفا من أجل أغلبية حكومية بل هي تحالف من أجل الإصلاح. وأضاف: «نحن نرى أبعد من الانتخابات المقبلة، وأرضية العمل المشتركة هي بداية تهيئة مشروع مجتمعي للمغرب الجديد حتى نساهم في بناء مغرب المواطنة الحقيقية والمسؤولية المبنية على دولة القانون والمؤسسات، وضمان الكرامة". وأوضح الراضي أن أحزاب الكتلة ستنزل بكل ثقلها لدعوة المغاربة للمشاركة المكثفة في الانتخابات المقبلة، لأنها الرهان الأساسي لنجاح هذه الاستحقاقات، وحثهم على الاهتمام بمستقبلهم، ومستقبل البلاد. من جهته، قال نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن أحزاب الكتلة ستظل منفتحة على كل من يتقاسم معها مضامين الأرضية المشتركة. وأضاف «سنخوض الانتخابات المقبلة موحدين كأحزاب، وسنواجه كل ما ستفرزه صناديق الاقتراع بناء على مضامين هذه الوثيقة». وزاد قائلا «أملنا الحصول على أغلبية أو نقترب منها، إلا أننا لا نسعى للبحث عن أغلبية بأي ثمن كان". وحذر بنعبد الله من العودة إلى ما سماها «بعض الأساليب التي تسعى إلى التحكم في نتائج الانتخابات»، وقال إن أحزاب الكتلة ستكون حاضرة ولها وزن للدفاع عن مؤسسات البلاد واستقرارها. وأضاف «نؤكد للرأي العام أن هناك أحزابا تظل وفية لهويتها ومبادئها والتزاماتها ومدافعة عن مشروع مجتمعي في ظل استقرارية القرار، والحرص على تفعيل الدستور". الرباط: لطيفة العروسني الشرق الأوسط، 3 نونبر 2011.