شرعت النساء في المغرب في فض المنازعات منذ عام 1961 حين تم تعيين أول قاضية بالمغرب أمينة عبد الرزاق، وشكل الحدث محطة مهمة في تاريخ القضاء المغربي، وعكس التطور الذي عرفه المجتمع المغربي والمكانة المتميزة التي تحتلها المرأة في جميع مناحي الحياة العامة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والقانونية. وبفضل جهودها وتضحياتها ومواقفها الرائدة تمكنت المرأة المغربية من تحقيق النجاح وصعود سلم المسؤوليات القضائية والارتقاء في سلك القضاء بعد أن فتحت في وجهها أبواب الوظائف العامة سواء منها الإدارية أو القضائية وفق معايير الكفاءة والاستحقاق. نجاح التجربة يناهز عدد القاضيات من النساء المغربيات حالياً 644 قاضية وهو يمثل نحو 20 % من مجموع القضاة البالغ عددهم 3237 قاضياً، ورغم أن دور المرأة في الميدان القضائي لا يتحدد بالحساب العددي بقدر ما يتحدد بدورها كفاعلة وصاحبة قرار في الكثير من المحاكم، إلا أن وجود هذا العدد من القاضيات يؤكد نجاح تجربة دخول المرأة إلى سلك القضاء ويبرهن على حكمة القرار. ويعتبر المغرب أول دولة عربية شغلت بها المرأة منصب قاض كان ذلك منذ نصف قرن من الزمان وتحديداً عام 1961 ومنذ ذلك التاريخ سطرت المرأة المغربية قصص نجاح عديدة في كرسي القضاء الذي تعاقبت عليه قضاة شرفن بذلة القضاء، وتدرجن في جميع الوظائف والمسؤوليات القضائية من عضوات للنيابة العامة ورئيسات للمحاكم، ورئيسات محاكم الاستئناف ورئيسات غرف بالمجلس الأعلى للقضاء وهو أعلى هيئة قضائية بالبلاد، إضافة إلى القاضيات اللواتي يتولين مهمة التدريس بالمعهد العالي للقضاء ويساهمن في تكوين وإعداد القضاة الجدد. أعلى المراتب تقول القاضية بشرى العلوي، رئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف، وأستاذة المعهد العالي للقضاء، إن المرأة المغربية بلغت أعلى المراتب والمسؤوليات في سلك القضاء وتخطت محطات ومراحل مهمة. وأوضحت أن القاضيات المغربيات أثبتن نزاهتهن وموضوعيتهن وفعاليتهن في تصريف القضايا الشائكة والملفات المهمة، فأصبحن موجودات في كل المحاكم ومن دون استثناء، يعتلين منصة القضاء يومياً ليفصلن بين الخصوم في جميع القضايا. وتشرح العلوي كيف تدرجت النساء في المناصب القضائية. وتقول إن من أبرز المحطات في مسيرة انخراط المرأة بسلك القضاء وتدرجها فيه، تعيين أول قاضية مكلفة بالأحداث عام 1979 ثم أول مستشارة بالمجلس الأعلى للقضاء عام 1987، وفي عام 1995 وصلت أول قاضية إلى الدرجة الاستثنائية، وفي عام 1998 تم تعيين أول رئيسة غرفة بالمجلس الأعلى وأول رئيسة محكمة ابتدائية وأول رئيسة أولى لمحكمة الاستئناف، وفي العام الموالي أصبحت القاضية المغربية عضواً بالمجلس الدستوري. شك وتردد تقول الخبيرة القانونية ثريا العلمي إن تربع القاضية المغربية على منصة القضاء في المحاكم علامة ودليل مهم على المكانة التي وصلت إليها المرأة في المغرب، فما حققته القاضية المغربية لم يكن منفصلاً عن سياق ما حققته المرأة المغربية في شتى المجالات. وتشير إلى أن دور القاضية في تحقيق العدالة لم يكن سهلاً في بداية مزاولتها للمهنة لأنها واجهت مجتمعاً منغلقاً ينظر إلى المرأة نظرة دونية ويتهمها بالتأثر بالعاطفة وأكدت أن القاضيات الأوائل التي كن سباقات إلى اعتلاء منصة القضاء في العالم العربي بذلن جهداً كبيراً لإثبات أنفسهن وكن في مستوى إصدار الأحكام القضائية. ولا تزال القاضية في المغرب تطمح إلى تحقيق الكثير من الإنجازات، فرغم تدرجها في سلم المسؤوليات القضائية إلا أن نسبة القاضيات اللاتي يتولين مناصب مهمة لا تزال في حدود 2.5 %، كما أن الإجراءات الإدارية ما زالت تكرّس التمييز بين الجنسين، كقلة القاضيات العاملات في المجال الجنائي حيث لم يسبق أن أصدرت قاضية مغربية حكماً بالإعدام. الاتحاد الاماراتية