تعد صورة المسلمين في أمريكا كما ينقلها الإعلام الأمريكي في أسوأ حالاتها في الوقت الحالي، حيث تشير استطلاعات الرأي التي أجرتها منظمة “غالوب” للبحوث الإحصائية في يناير 2010 إلى أن حوالي نصف الأمريكيين يتبنون نظرة سلبية للإسلام، وأن العدد نفسه تقريباً يحمل مشاعر شخصية متعصبة ضد المسلمين. هذه الأرقام المثيرة للقلق، خاصة عند الأخذ في الاعتبار أن ثلثي المشتركين في استطلاعات الرأي أقروا بأن معرفتهم بالإسلام محدودة أو تكاد تكون منعدمة، شرحها الصحافي أمجد محمود خان في تقرير خاص نشرته صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية، وتساءل فيه “لماذا لا يثق الأمريكيون بدين أو شعب لا يعرفون عنه شيء؟”. لتكون الإجابة “أن الناس يميلون عادة للخوف من الأمور الذي تقل معرفتهم بها أو لا يفهمونها”. تشويه صورة الإسلام ويتابع خان أن معظم الأمريكيين “نشأوا في مجتمع مسيحي، ربما لا يؤيدون كل شيء فيه لكن على الأقل هو ما اعتادوا عليه. وبالتالي لا يشعرون بأنه يشكل لهم أي نوع من التهديد أو الخطر. ولأن الإسلام لايزال دين أقلية في أمريكا، ولأنه لا يحتل مساحة كبيرة في الحياة العامة، تشعر الغالبية العظمى من الأمريكيين بعدم القدرة على الثقة به. كل مرة ينعت فيها (المبشر الامريكي) بات روبرتسون المسلمين ب”الفاشيين” أو تصف (الكاتبة الأمريكية) آن كولتر الإسلام بأنه “عقيدة حرق السيارات”، لا تكون النتيجة زيادة عدد مشاهدي البرامج التي يقدمها كلاهما وحسب بل يزيد هذا من تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدى الرأي العام الأمريكي”. يُضاف إلى هذا التقارير الإخبارية التي تطالع المشاهدين على مدى 24 ساعة. ففي كل مرة تبث قناة cnn خبراً عن من تطلق على نفسها “جين الجهادية”، أو تقدم “فوكس نيوز” تقريراً عن عدم تمكن المرأة السعودية من القيادة، من دون أن يعقب ذلك تحليل للسياق الاجتماعي الذي يؤدي لهذا، يشعر أمريكي آخر بالضجر من الإسلام والمسلمين، وفق ما يرى التقرير. ويضيف “وفق قراءات متعددة، فإن الإعلام الأمريكي يحتاج لإعادة النظر في الصورة التي يقدمها عن الإسلام خاصة أن في السنوات الماضية شنت الولاياتالمتحدة حربين في بلدين يدين سكانهما بالإسلام ما يجعل العلاقات الأمريكية الإسلامية في خطر”. كما أن سلوك القلة من المسلمين الذين يقومون بأعمال عنف أو إرهاب، لا تساعد على تحسين الصورة أيضاً. الذين يعرفون الإسلام جيداً يعون أن هذه الأفعال لا تمثل الدين الإسلامي لكن هذا لا ينطبق على الغالبية العظمى من الأمريكيين. إن جعل كل إرهابي مسلم رمزاً للإسلام أشبه باعتبار كل رجل دين كاثوليكي فاسد ممثلاً للكاثوليكية، بحسب ما يرى خان. لذلك “يجب أن يتم الخروج من هذه الدائرة المفرغة حتى يمكن تحسين نظرة الأمريكيين للإسلام”. ويبدأ هذا “من الجاليات المسلمة نفسها ومن خلال محاربة التطرف بالتعليم لكن يجب أيضاً الاهتمام بتعليم الأمريكيين في هذا الشأن. يجب أن يتلقّى الأمريكيون صورة دقيقة عن الإسلام وعن المسلمين الذين يمثلون خمس سكان العالم. كما يجب الأخذ في الاعتبار أن آلاف الأمريكيين المسلمين يدافعون عن كرامة الولاياتالمتحدة في كل من العراق وأفغانستان”. ويلفت التقرير إلى أن المسلمين “ليسوا مجرد أعضاء في أقلية تعيش في الولاياتالمتحدة بل هم يتعاونون مع أمريكيين من مختلف الأعراق والأديان للنهوض بجالياتهم على المستوى المحلي. ويعتبر مركز التعاون الإسلامي اليهودي التابع لجامعة جنوب كاليفورنيا بلوس أنجلوس من أبرز الأمثلة”. المسلمون في خطر ويتابع الصحافي الأمريكي “للأسف يذهب كل هذا هباء في ظل هذه النظرة السلبية للإسلام ويجب أن يتم تغيير هذا. مسؤولية من هذه؟ يرى الكثير أنها مسؤولية الإعلام الإخباري في المقام الأول. أليست مسؤولية الإعلام أن يسلّح الجماهير بالقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة؟ تصوير عقيدة أو أشخاص بشكل خاطئ يؤثر في العلاقة بين المواطنين كما يمكن أن يؤثر في السياسة الأمريكية بشكل عام. عدم تقديم الصورة كاملة يعرض المسلمين في أمريكا للخطر ويزيد من مشاعر التطرف ضد الدين الإسلامي”. فوسائل الإعلام تسعى دائماً للنجاح من خلال تقديم أكبر قدر من الإثارة. لكن هذا لا يعني أن يكون هذا النجاح على حساب صحة الأخبار المقدمة. ويرى أن “الحل أبسط مما قد يبدو. يجب أن تحرص وسائل الإعلام الأمريكية على الاستعانة بخبراء مسلمين ليقوموا بالتعليق على الأخبار الخاصة بالعالم الإسلامي حتى يتم وضعها في سياقها الاجتماعي وبالتالي يفهمها المتلقي بشكل أفضل. بهذا سيعرف الأمريكيون أن مسلمي الولاياتالمتحدة يتألمون مثلهم تماماً حين يعلن البعض الجهاد ضد أمريكا”. مؤكداً وجود “العديد من الصحافيين والمحللين المسلمين على أتم الاستعداد لوضع الأمور في نصابها وتقديم صورة دقيقة عن الإسلام. بهذا ستتمكن وسائل الإعلام من جعل المجهول مألوفاً”. * ترجمة: سونيا فريد