إذا كانت الحدود بين الجارين المغرب والجزائر مغلقة منذ 26 سنة، والعلاقات بين البلدين ليست في أحسن أحوالها، خاصة بعد تولي الرئيس الحالي عبد المجيد تبون رئاسة البلاد خلفا لعبد العزيز بوتفليقة، وانتقاده المغرب في العديد من خرجاته الرسمية، فإن علاقات الود من جانب المغرب لا تنتهي. آخر الرسائل التي بعثها الملك محمد السادس للرئيس الجزائري الجديد، برقية أرسلت مطلع هذا الأسبوع، دعا له فيها بالشفاء العاجل بعد إصابته بفيروس كورونا قبل نحو شهرين. ومما جاء في برقية الملك لتبون: «.. لقد أبانت، بحمد الله وشكره، مخاطبتكم للشعب الجزائري الشقيق يوم الأحد عن تماثلكم للشفاء... وإنني إذ أعرب لكم عن عميق ارتياحي لتحسن صحتكم، لأدعو الله العلي القدير أن يعجل بشفائكم، وباستعادتكم لكامل عافيتكم، وبأن يرزقكم موفور الصحة ويمتعكم بطول العمر». وتأتي هذه الرسالة ذات البعد الإنساني من الملك محمد السادس، في عز الحرب التي تقودها الدبلوماسية الجزائرية ضد المغرب، بسبب ما عرف مؤخرا ب «أزمة معبر الكركرات»، إضافة إلى الحملة الإعلامية التي يتعرض لها المغرب من إعلام جاره الشرقي بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل رسمي بمغربية الصحراء، مما يدل على أن الملك محمد السادس مازالت لديه رغبة في طي صفحات الماضي المتسم بالخلاف والتشنج مع الجزائر، وبدء صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، للوصول إلى إعادة بناء «حلم الأجداد» المتمثل في المغرب العربي. وتركز غالبية رسائل الملك إلى الجزائر على ضرورة «فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين»، وهي العبارة التي تضمنتها أول رسالة بعثها محمد السادس لتبون مباشرة بعد «انتخابه» رئيسا قبل عام من اليوم، علما أن ملك المغرب سبق وأن وجه رسالة مماثلة للجزائر في أواخر عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في خطاب رسمي، لكن الجارة الشرقية للمغرب لم تبد أي رغبة في الرد، مما يعرقل إلى حدود الساعة تحريك المياه الراكدة في ورش اتحاد المغرب العربي، والذي تعاني من عدم تفعيله جميع شعوب المنطقة، وعلى رأسها الشعب الجزائري نفسه وكان الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي قد أكد في أكثر من خرجة له أنه حاول جاهدا حين كان يتولى مهامه كرئيس لتونس أن يدفع الدول المغاربية الخمس للجلوس إلى طاولة الحوار لإعادة تفعيل اتحاد المغرب العربي، فقبلت جميع الدول المغاربية باستثناء الجزائر، التي ربطت ذلك بضرورة حل نزاع الصحراء أولا. (الأيام 24)