كشفت تحقيقات رسمية، عن تجاوزات واختلالات وصفت ب"الخطيرة" في برنامج الطرق القروية، إذ انتقد تقرير أنجزه برلمانيون المعايير التي حددتها الحكومة في اختيار الدواوير المستفيدة من "البرنامج الوطني الثاني للطرق القروية"، الذي يهدف إلى بناء وتهيئة طرق ومسالك جديدة لفك العزلة عن ثلاثة ملايين مغربي من سكان القرى والجبال. وسجلت تحقيقات قام بها قضاة المجلس الأعلى للحسابات، عدم صيانة الطرق القروية غير المصنفة المنجزة في إطار برامج فك العزلة عن العالم القروي، وأن وزارة التجهيز الغارقة في ديون الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها، أنجزت خلال العشرين سنة الماضية، العديد من الطرق القروية من أجل فك العزلة عن العالم القروي، بغلاف مالي إجمالي قدره 27 مليار درهم. وقالت تقارير المحققين، إنه إذا كانت الطرق المصنفة التابعة للدولة تستفيد من الصيانة ولو بوتيرة ضعيفة نظرا لمحدودية الاعتمادات المرصودة لهذا النوع من الأشغال، فإن الطرق غير المصنفة لم تعرف أي عملية صيانة منذ إنجازها لا من قبل الدولة، ممثلة في وزارة التجهيز، ولا من لدن الجماعات المحلية. وحذرت مصادر من داخل وزارة التجهيز من أن هذا الوضع يعرض هذا الرصيد الطرقي للتآكل، وينذر بضياع الجهد الذي بذل طيلة عقدين من الزمن والمبالغ المالية التي أنفقت في إنجاز المشاريع، بالإضافة إلى الأثر السلبي على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لسكان العالم القروي، فضلا عن أن الممولين الدوليين يضعون ضمان الحفاظ على الاستثمار الممول بالقروض السابقة، شرطا لقبول تقديم قروض جديدة. وأثار العربي المحرشي، عضو فريق "البام" بمجلس المستشارين، فضيحة، مطلع الأسبوع الجاري، حينما كشف أن الطرق القروية التي خصص لها غلاف مالي يقدر ب 36 مليار درهم (3600 مليار سنتيم) ، تعرف اختلالات كبرى. وقال المحرشي إن البرنامج الوطني الثاني للطرق القروية، الذي يهدف إلى بناء وتهيئة 22 ألف كيلومتر من الطرق و المسالك القروية لفك العزلة عن ملايين المغاربة ، يعرف تعثرا كبيراً و اختلالات فاضحة. وقدم المحرشي مثالا بالطريق المنجزة بين مركز جماعة قلعة بوقرة و دوار الشهبية بإقليم وزان، التي تحولت إلى حفر، رغم أنها أنجزت قبل ستة أشهر فقط. وزاد المتحدث ذاته، متسائلا "من سيقوم بصيانة هذه الطرق التي كلفت 36 مليار درهم ، هل الجماعات أم الوزارة أم المجالس الإقليمية"؟، واصفا ما يحدث ب "العبث". وجوابا عن الفضيحة التي فجرها المحرشي، قال عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، إن الموضوع حساس ومهم ، مشيرا إلى أنه من الناحية القانونية و التنظيمية، فإن المسؤولية تقع على عاتق الجماعات الترابية.