قدم البرفيسور عز الدين الإبراهيمي، عضو اللجنة العلمية والتقنية، توضحيات حول مستجدات الحالة الوبائية للمملكة، والقرارات التي ممكن أن تتخذها السلطات العلمية والصحية مع قرب حلول شهر رمضان. ووصف البروفيسور الوضعية الوبائية في المغرب ب"الشبه مستقرة"، مشيرا إلى أنه "تمكنا من تلقيح أكثر من 13 في المئة من المواطنين المغاربة، وفي ظروف وبائية مثالية". هذا النجاح الجزئي، يقول مدير مختبر البيوتكنولوجيا في الرباط، في تدوينة على حسابه على الفايس بوك، "يدفع الكثيرين منا هذه الأيام إلى طرح عدة الأسئلة ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك، لم لا نخفف من القيود والإجراءات الاحترازية؟ لم لا نغير من استراتجيتنا خلال المدة المقبلة؟ والبعض يرد، هل بذلك لا نجعل الجائحة تستمر لشهور عدة أخرى؟ وهل يمكننا أن نجازف اليوم بالتقدم المحرز في مواجهة الجائحة والتضحيات الجسيمة التي قدمناها لحد الساعة؟ وهل لا نضيع الصيف و"لبنه"؟". القرار يجب أن يبنى على عناصر علمية واعتبر البروفيسور أن كل هذه الأسئلة "مشروعة ومنطقية يختلط فيها الديني بالعاطفي بالعملي"، قبل أن يستدرك "لكني أظن أنه يجب علينا أن نبقى أوفياء لمقاربتنا الاستباقية العلمية، وأن كل قرار في هذا الشأن ومن هذا القبيل يجب أن يبني على العناصر العلمية المتاحة وبحذر". وللقيام بذلك، يقول الإبراهيمي، يجب علينا استحضار "نكبة ما بعد عيد الأضحى و التي أدينا ثمنها غاليا و لشهور... وأرفض أي قرار يؤدي بنا إلى نفس الوضع". كما يجب علينا، حسب عضو اللجنة العلمية والتقنية، "أن تراعي كل قرراتنا أولوياتنا وهي للتذكير أولا وأخيرا صحة المواطن المغربي الجسدية والنفسية، ثانيا عدم إيقاف عجلة الإقتصاد، وثالثا استمرار العملية التربوية بالمدارس و المعاهد، وهو أمر أساسي من أجل تعليمهم وكذلك من أجل رفاههم العقلي والجسدي مع إتاحة الفرصة للمواطنين بلقاء أقربائهم بأمان بعد أشهر من العزل و العزلة"، مضيفا "وعلينا ولم لا أن نستغل التقدم المحرز في مواجهة الوباء ونترجمه بقرارات تؤدي إلى خروج سريع من الأزمة يجعلنا أكثر تنافسية في ميادين خدماتية عدة وعلى رأسها الاقتصاد السياحي بحلول فصل الصيف". معطيات وبيانات علمية وقال البروفيسور الإبراهيمي: "أود من خلال هذه التدوينة، أن أتقاسم معكم كل المعطيات العلمية المتوفرة في إطار نقاش صريح و شفافية كاملة حتى يتبين للجميع صعوبة هذه القرارات المستقبلية التي يجب أن تكون حذرة وتدريجية ولما لا جهوية تأخذ بالخاصية الوبائية لكل جهة... وتستوجب هذه القرارات الجرأة الكبيرة في اتخاذها والتذكير بأن التوصية العلمية والصحية ليست إلا جزءا من منظومة اتخاذ القرار النهائي، الذي يأخذ كذلك بعين الاعتبار الآثار الاقتصادية والاجتماعية للقرار على المغاربة".ولأخذ القرار "الصحيح والحكيم"، يقول المتحدث، "يجب أن نلم بالمعطيات والبيانات العلمية التالية، والتي لا نتوفر الآن بالكثير منها: أولها، الإحاطة بمدى المناعة الجماعية للمغاربة. فمعرفة عدد المغاربة الذين أصيبوا بالفيروس يمكن من تحديد المناعة الطبيعية للمغاربة. ولكن للأسف ولحد الأن وبدون دراسة سيرولوحية محينة يصعب التكهن بنسبة معينة رغم النسب المرتفعة التي يستشهد بها الكثيرون دون أبحاث علمية دقيقة و تبقى دون جدوى في اتخاذ القرارات". ثاني المعطيات، حسب البروفيسور، "مدى انخراطنا في الإجراءات الاحترازية الوقائية الشخصية؟ وهنا بإمكاني أن أجيب وبدون تحفظ وبصراحة جارحة أننا تخلينا منذ زمن عن الإجراءات الاحترازية وتخاذلنا في الانضباط بها. وفي هذه الحالة، فالقرار والمسؤولية شخصية، وأتمنى أن لا نؤدي ثمن هذه الانتكاسة غاليا، وأحيي عاليا كل من يحاول الالتزام بها". أما المعطى الثالث، يقول الدكتور، فيتعلق "بنسبة انتشار السلالة البريطانية والسلالات المتحورة الأخرى... ربما أرقام الإصابة التي نراها الأن مستقرة لأننا لم نصل بعد إلى الإنتشار الأسي للسلالة البريطانية والذي حتما سنراه في الأسابيع المقبلة... وهنا يجب أن أوضح أن السلالة البريطانية تنتشر وأن الطفرة E484K بدأت بالظهور بالمغرب، وفي عمل طور النشر وعلى مدار العام، حللنا أكثر من 200 جينوم للفيروس فكت شفرتها بالمختبر، ويتبين من خلال هذا البحث تكاثر ظهور السلالات المتحورة منذ شهر فبراير و حددنا جميع أنواعها بالمغرب كما هو موضح في البيان رفقته.... وهنا وجب التأكيد على أن قرار يحب أن يمكن من تقليل وتيرة انتقال هذه السلالات وانتشارها". والمعطى الرابع، حسب عضو اللجنة العلمية، "عدم الانتهاء لحد الآن من المرحلة الأولى لعملية التلقيح لحماية الأشخاص في وضعية هشاشة صحية وهو النجاح الجزئي الذي يوجد على مرمى حجر. وكل قرار يجب أن يحصن هذه العملية و يؤمن نجاحها". وأوضح الدكتور الإبراهيمي أن المعطى الخامس يتعلق "بالتسريع بالبدء بالمرحلة الثانية من التلقيح للفئات العمرية الأخرى المتبقية في أفق الوصول إلى المناعة الجماعية، والمشروطة بالتوفر على كميات كبيرة من اللقاحات... وللأسف، وكما وضحنا مرارا، فقراءة سريعة في المعطيات الدولية تبين أنه سيصعب الوصول إليها، ومؤشرات كثيرة تدل على ذلك، وتفرض على المغرب أخذها بعين الأعتبار في أي قرار". وخلص البروفيسور إلى التأكيد على أنه ورغم تفاؤله الحذر "فإن هذه القراءة الشخصية للأمور توضح بالملموس أن أي قرار مقبل يجب أن يكون علميا بالدرجة الأولى، ويأخذا بعين الاعتبار أولويتنا منذ اليوم الأول في مواجهة الجائحة "مهما كانت الكلفة فحياة أي مغربي لا تقدر بثمن"".