أدانت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش، مساء أول أمس الخميس، الرئيس السابق لمجلس الجماعة الترابية "سيدي عبد المومن"، التابعة لإقليم شيشاوة، وقائد "تولوكلت" بمنطقة "امتوكة" بالإقليم نفسه، بسنة حبسا لكل منهما، ثمانية أشهر منها نافذة والبقية موقوفة التنفيذ، على خلفية متابعتهما، في حالة سراح، من أجل اتهامهما بتلقي رشوة بعشرين مليون سنتيم من مستثمر مقابل الترخيص له بإحداث مصنع للبلاستيك بالجماعة المذكورة، بعد أن كانا أدينا ابتدائيا، في حالة اعتقال، بالعقوبة الحبسية نفسها من طرف غرفة الجنايات الابتدائية بالمحكمة عينها. وكان رئيس الجماعة ورجل السلطة أوقفا، في شهر أكتوبر من سنة 2015، على خلفية شكاية تقدم بها ضدهما مستثمر، لدى المصالح المختصة بوزارة العدل والحريات، عبر الخط الهاتفي الأخضر الذي أطلقته الوزارة للتبليغ عن الرشوة، مؤكدا فيها أنه يملك العديد من المشاريع الاستثمارية بمدينة الدارالبيضاء، وأنه قرّر الاستثمار في مسقط رأسه بجماعة "سيدي عبد المومن"، من خلال بناء وتجهيز مصنع للبلاستيك، غير أنه قال إنه ووجه بتلكؤ غير مبرر من طرف رئيس المجلس الجماعي، الذي أوضح أنه رفض الترخيص للمشروع بداعي أضراره البيئية المحتملة، متهما إيّاه بأنه طالبه برشوة لا تقل عن 60 مليون سنتيم مقابل تسهيل حصوله على التراخيص اللازمة لإحداث مشروعه. وأضاف أنه اتصل بقائد "تولوكت"، باعتباره ممثلا للسلطة المحلية، محتجا ضد سلوك رئيس المجلس، إلا أن احتجاجاته لم تثمر أي نتائج تذكر، لا بل إنه زعم أن القائد أكد له بألا مناص له من الاستجابة لمساومات الرئيس، عارضا عليه التوسط لديه للحصول على وثائقه الإدارية، وهو ما قال إنه تظاهر بالموافقة عليه، مقترحا تخفيض مبلغ الرشوة إلى 20 مليون سنتيم، قبل أن يقرّر التبليغ عما تعرّض له من ابتزاز عبر الخط الأخضر لوزارة العدل، التي أحالت الشكاية على الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، الذي أعطى تعليماته للمركز القضائي، التابع لسرية للدرك الملكي بشيشاوة، بتولي التحقيق في مضامين الشكاية، وهو البحث الذي استُهلّ بالاستماع إلى المستثمر، الذي تم الاتفاق معه على معاودة الاتصال بالقائد، وتحديد موعد معه لتسليم الرئيس المبلغ المالي المقترح من قبله. وبتنسيق مع الدرك الملكي قام المشتكي بنسخ الأوراق المالية ل150 ألف درهم (15 مليون سنتيم)، فضلا عن شيك بقيمة 50 ألف درهم (5 ملايين سنتيم)، التي كان يعتزم تسليمها بوساطة من القائد للرئيس، الذي نجح الكمين المنصوب في توقيفه متلبسا بتسلم الرشوة، وهي العملية التي تمت بإشراف مباشر من أحد نواب الوكيل العام للملك بمراكش، قبل أن يتم اقتياده إلى مقر المركز القضائي لدرك شيشاوة، ويجري وضعه هناك رهن الحراسة النظرية، فيما استُمع للقائد من طرف أحد نواب الوكيل العام، ليتقرّر تقديمهما أمام النيابة العامة، التي أحالتهما، في حالة اعتقال، على قاضي التحقيق، الذي خلص، بعد انتهاء جلسات الاستنطاق الابتدائي والتفصيلي، إلى إحالتهما، من جهته، على المحاكمة أمام غرفة الجنايات الابتدائية.