أجرى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاربعاء أول زيارة له الى الجزائر بصفته رئيسا، وقدم نفسه على انه "صديق" لهذه البلاد التي استعمرتها فرنسا لاكثر من مئة عام، رافضا ان يكون "رهينة الماضي" الاستعماري لفرنسا. وقام ماكرون ببادرة لحل احد الخلافات التاريخية بين البلدين بالاعلان عن "الاستعداد" لرد فرنسا جماجم ثوار جزائريين قتلوا في القرن التاسع عشر على يد الجيش الفرنسي، محفوظة في متحف الانسان بباريس. وصرح في مقابلة مع موقع "تو سور لالجيري" "اود انعاش العلاقة بين بلدينا بأنشطة ذكرى، واتخاذ قرار بإعادة الجماجم". وكان الرئيس الفرنسي قال اثناء حديثه مع جزائري شاب اثناء احتكاكه بالمارة في وسط العاصمة ظهر الاربعاء "لدينا تاريخ خاص، ويجب الا تكون هناك محظورات. أريد للشباب الجزائري أن يزدهر بمساعدة فرنسا". واضاف "اريد فرنسا واقفة إلى جانب الجزائر، فرنسا تساعد على بناء مستقبل هذا البلد الكبير وتساعد الشباب على النجاح. انها صفحة المستقبل التي جئت لفتحها مع هذا الجيل الجديد"، وسط الزغاريد التي ارتفعت من شرفات المباني القديمة المحيطة في اجواء ترحيب صاخبة بوسط العاصمة الجزائر. وقال ياسين الثلاثيني الذي كان ضمن الحشد "أمر جيد ان يحادثنا الرئيس الفرنسي. لم نشهد أي أمر من هذا القبيل مع رؤسائنا". وعلقت جزائرية للصحافيين الفرنسيين قائلة "حظكم جيد، فرئيسكم شاب". وبعد الظهر، سيزور ماكرون نظيره عبد العزيز بوتفليقة (80 عاما) في منزله في زيرالدة غرب العاصمة. ولا يستقبل بوتفليقة الذي يتولى السلطة منذ 1999، الا القليل من القادة الاجانب منذ اصابته بجلطة دماغية في 2013. وقال ماكرون في مقابلة مشتركة مع صحيفتي "الوطن" الناطقة بالفرنسية و"الخبر" الناطقة بالعربية نشرت الاربعاء "أنا هنا في الجزائر بصفتي صديقا، وشريكا بن اء يرغب في تعزيز الروابط بين بلدينا خلال السنوات القادمة، من أجل إثمار علاقاتنا الكثيفة". ووصف ماكرون الاستعمار أثناء زيارته الاخيرة للبلاد اثناء حملته الانتخابية الرئاسية بانه "جريمة ضد الانسانية"، علما انه الرئيس الفرنسي الاول المولود بعد حرب الجزائر (1954-1962). والاربعاء اجاب ماكرون عن سؤال صحافي جزائري ان كان "موقف الرئيس ماكرون" مطابقا لموقف "المرشح ماكرون" بشأن "مسألة الذاكرة"، وقال "لست شخصا متناقضا. فالرجل نفسه يحادثكم"، لكنه لم يكرر تصريحات حملته. وأكد الرئيس الفرنسي سعيه إلى بناء "محور قوي" مع الجزائر "أساسه الحوض المتوسط ويمتد إلى إفريقيا"، لافتا إلى "حقول تعاون واعدة" كثيرة على المستوى الاقتصادي. كما لفت الى انه "على الجزائر أن تنفتح أكثر. هناك العديد من العراقيل التي تعيق الاستثمار في ما يتعلق بمراقبة المساهمات وقواعد سعر الصرف في الجزائر" فيما تبقى فرنسا اكبر جهة مشغلة في الجزائر لكنها بدأت تخسر حصصها في السوق امام الصين ودول اخرى. وفي حين ان الجزائر لم تتلق باستحسان ان يكون ماكرون اختار المغرب لاول زيارة له الى منطقة المغرب العربي، فان زيارة "الصداقة والعمل هذه" تبقى موضع ترقب شديد. ولن تستمر الزيارة سوى 12 ساعة. وعنونت صحيفة "ليبرتيه" الناطقة بالفرنسية الاربعاء "انتظار طويل، زيارة قصيرة" ملخصة بذلك الاجواء العامة لدى الصحافة الجزائرية. وخلال محادثاته مع القادة الجزائريين وبينهم رئيس الوزراء احمد اويحيى، يتطرق الرئيس الفرنسي خصوصا الى الازمات في منطقة الساحل وليبيا والتي تثير قلق باريسوالجزائر. وسيحاول ماكرون تسريع نشر القوة المتعددة الجنسيات في منطقة الساحل (تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا) خلال اجتماع يعقد في 13 كانون الاول/ديسمبر في باريس. والجزائر التي لها نفوذ في المنطقة تولت رعاية محادثات لفترة طويلة افضت عام 2015 الى اتفاق سلام في مالي يواجه صعوبات في تطبيقه، ما تسبب بنفاد صبر باريس. وقال الرئيس الفرنسي في مقابلته الصباحية "أنا أنتظر تعاونا تاما من قبل جميع من يشاركنا الهدف ذاته وهو السلم المستدام في مالي. وبالفعل أتوقع الكثير من الجزائر في هذا المجال". ويغادر ماكرون الجزائر مساء الاربعاء للقيام بزيارة رسمية تستغرق بضع ساعات إلى قطر.