فجرت قصة أسامة الموساوي، ابن إحدى مدن الشمال، وأستاذ الفلسفة الذي التحق ب"داعش"، صدمة كبيرة في صفوف محيطه المقرب، وكل رواد مواقع التواصل الذين اطلعوا على قصته. أسامة، الذي كان يعمل أستاذا للفلسفة في الجنوب، بدأ حياته متنورا، وغزير الكتابة في السياسة، والثقافة، والفكر، وانتهى به الأمر في صفوف "داعش"، حتى بعدما أعلن دحر التنظيم في عدد من بؤر التوتر الشرق أوسطية. الموساوي، أستاذ مادة الفلسفة، المنحدر من مدينة وزان، أعلن في رسالة طويلة، نشرها، مساء أول أمس الأحد، على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أنه التحق بتنظيم "داعش" الإرهابي من أجل القتال في صفوفه، مرفقا كلمته، بصورة شخصية له، بعدما أخفى ملامح وجهه، بالسواد، على شاكلة "الداعشيين"، متوعدا من وصفهم ب"المرتدين والكفرة"، بالقول: "والله مالكم غير السكاكين دواء، وما لعفن رؤوسكم غير الطلقات نداء". الخرجة "الصادمة" والشاذة لأستاذ الفلسفة، خلفت ردود أفعال أصدقائه الفايسبوكيين، الذين شككوا في صحة الرسالة، ما دفعه إلى الرد عليهم، أمس الأحد، عبر رسالة ثانية، قطع فيها الشك باليقين، وأكد لهم أن حسابه لم يخترق، وأنه هو كاتب اعتراف انتسابه إلى التنظيم الإرهابي "داعش". وحسب مقربين من الأستاذ، فإن هذا الأخير تطرف عن عمر 34 سنة، بعدما قضى طفولته في مدينة وزان، ودرس في جامعة محمد الخامس بالرباط، وتخرج منها في شعبة علم الاجتماع، ثم التحق بمدينة أكادير لخوض تجربة مهنية. وعلى الرغم من أن أغلب البروفايلات السابقة لمغاربة التجؤوا إلى "داعش"، كانت في الأغلب لقريبين من التيارات المتطرفة، وخاضعين للتربية في أحضانها، إلا أن أستاذ الفلسفة، يشكل استثناء فريدا، لأنه كان شابا خاض نضالات تقدمية، وانحاز إلى قضايا الشعوب، والتزم المنهجية في تدريس مادة الفلسفة، دون أن يظهر عليه أي شكل من أشكال التطرف. ولم يلتزم أستاذ الفلسفة بالنضال من أجل الحقوق، والحريات، والفكر المتنور من فايسبوك فقط، ولا من الشارع، وإنما عرف بغزارة كتاباته للمقالات، إذ نشر على شبكة الحوار المتمدن، المعروفة بقربها من العلمانيين العرب، أزيد من عشرين مقالا، منذ عام 2014، آخرها كان في شهر ماي من العام الجاري، توزعت بين التأصيل لفكر متنوع، ونقد الفكر المتطرف، وتقاسم تجربته في مناهج الفلسفة. ومن أوجه التحول الراديكالي لأستاذ الفلسفة المثير للجدلة، أنه من بين مقالاته الكثيرة في نقد الفكر الديني، مقالات بطالب فيها بمراجعة الأحكام الدينية في نظام الإرث، لضمان مساواة في الإرث بين الرجال والنساء، مقارنا بين هذا التعديل والتعديلات التي خاضها العلماء لوقف حد قطع يد السارق، وأحكام الجهاد، التي وجه لها انتقادات كبيرة في مقالات مفصلة. ومما عرف على الشاب الوزاني، الذي أصبح يدون على جداره الفيسبوكي، من أحد بقاع العالم التي لا زالت خاضعة ل"داعش"، أنه التحق بالتنظيم عن طريق أوربا، بعدما أنهى الموسم الدراسي السابق، ولم يلتحق بعمله هدا الموسم، مغيرا مهنته من أستاد فلسفة إلى إرهابي يستعمل فيسبوك للدعوة إلى منهج "داعش".