بعد فرار أزيد من 600 ألف من مسلمي ميانمار إلى بنغلادش، منذ انطلاق حملة تصفيتهم وصفتها منظمات دولية ب"التصفية العرقية"، تاركين وراءهم بيوتهم وما كسبوا، زار الطبيب المغربي مخيمات النازحين، في بنغلادش، على الحدود مع ميانمار، وحكى ل"اليوم24″، شهادات "الصدمة الأولى". ورغم أن زهير لهنا، الطبيب المغربي الذي نذر حياته لخدمة المصابين في مناطق النزاعات، متنقلا بوزرته البيضاء، بين مخيمات السوريين الفارين من جحيم الكيماوي، والفلسطينيين الناجين من القنابل العنقودية، والأفارقة من دول جنوب الصحراء، الشاهدين على مآسي الحروب الأهلية، إلا أن ما رآه في مخيمات الروهينغا، وصفه منذ الوهلة الأولى ب"الكارثي". يقول لهنا، أنه استعد لهذه الرحلة الطويلة منذ شهرين، ووصل إلى بنغلادش بعد رحلة، لتطأ قدماه أرضها، ويلتقي بفريق من الأطباء المتطوعين، منهم الفرنسيون والسوريون والبنغال، سبق له أن اشتغل معهم في سوريا، تحت خط النار. ومنذ وصوله، خلال أولى جولاته في المخيم، يحكي لهنا كيف رصدت عيناه صعوبة الوضع في مخيم يضم عددا كبيرا من اللاجئين، لينتقل المستشفى المخصص لمساعدة الروهينغا، وهو حيث سيقف فيه على مأساة إنسانية. مستشفى تبين له صعوبة الاشتغال فيه، إلا أن هذه الصعوبة لم تثنه وفريق الأطباء معه، عن مباشرة تقديم خدماتهم العلاجية، والبدء بإجراء العمليات، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. وفي وصفه للوضع الإنساني الصعب الذي يعيشوه "الروهينغا" في المخيم، يقول لهنا:"رغم فرارهم لمخيم في بنغلاديش اتقاء لنار حرب حصدت أرواح المئات منهم، إلا أنهم وجدوا أنفسهم محاصرين من جديد، بين حدود بلد اضطهدهم، ونقاط تفتيش وتشديدات أمنية للسلطات البنغالية تمنعهم من الخروج، وتتشدد على الداخلين لإغاثتهم". وكانت حكومة ميانمار قد أطلقت في 25 من شهر غشت الفائت، حملة أمنية بمشاركة الجيش والشرطة ومليشيات بوذية، ارتكبت خلالها جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد المسلمين الروهينغا، وأسفرت عن مقتل الآلاف منهم، بحسب مصادر وإفادات وتقارير محلية ودولية متطابقة. ونتيجة لتلك المجازر والجرائم، فر 604 آلاف من المسلمين الروهينغا من راخين إلى بنغلاديش المجاورة، بحسب أحدث إحصاءات الأممالمتحدة. كما أن المغرب، أرسل مطلع شهر شتنبر الجاري، مساعدات إنسانية إلى بنغلادش لمواجهة التدفق الكبير للاجئي أقلية الروهينغا المسلمة إلى أراضيها هربا من العنف في غرب بورما.