منذ انطلاق حملة الإعتقالات، السبت الماضي، في المملكة العربية السعودية، تتسارع الأحداث بشكل يومي داخليا وخارجيا، ما يجعل جميع الإحتمالات مفتوحة أمام الأوضاع في المنطقة، ويزيد من من صدقية أحاديث عن اندلاع حرب وشيكة بين المحور الذي تتزعمه إيران من جهة، وبين السعودية وحلفائها من الجهة الأخرى. وفي خطوة تعزز هذه الشكوك، دعت السعودية، اليوم الخميس، مواطنيها الى مغادرة لبنان "في أقرب فرصة"، والى عدم السفر إليه، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية. وقال المصدر "بالنظر إلى الأوضاع في الجمهورية اللبنانية، فإن المملكة تطلب من رعاياها الزائرين والمقيمين في لبنان مغادرته في أقرب فرصة ممكنة، كما تنصح المواطنين بعدم السفر إلى لبنان من أي وجهة دولية". وعلى حسابه في تويتر قال ثامر السبهان، الوزير السعودي لشؤون الخليج العربي إن "كل الإجراءات المتخذة تباعاً، وفي تصاعد مستمر ومتشدد حتى تعود الأمور لنصابها الطبيعي"، في إشارة إلى طلب السعودية من مواطنيها مغادرة لبنان فوراً. كل الاجراآت المتخذة تباعا وفي تصاعد مستمر ومتشددحتى تعود الامور لنصابها الطبيعي — ثامر السبهان (@thamersas) November 9, 2017 كما يأتي القرار السعودي أياما بعد أن أعلن رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري استقالته من منصبه، بإيعاز من الرياض التي يتواجد بها حاليا، موجها اتهامات إلى حزب الله بمحاولة اغتياله، وهو الأمر الذي نفاه هذا الأخير، داعيا السعودية إلى رفع يدها عن لبنان. في السياق ذاته، قال مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية لرويترز، اليوم الخميس، إن لبنان يعتقد أن السعودية تحتجز رئيس وزرائه سعد الحريري، مضيفا أن بلاده تتجه لدعوة دول عربية وأجنبية للضغط على الرياض لإعادته. وقال المسؤول اللبناني الكبير لرويترز "لبنان يتجه إلى الطلب من دول أجنبية وعربية الضغط على السعودية لفك احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري. نحن نعتبر أننا لم نتسلم الاستقالة بعد وسعد الحريري لا يزال رئيس حكومتنا". وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، لأن الحكومة لم تعلن رسميا بعد عن هذه المبادرة "الإبقاء على الحريري مقيد الحرية في الرياض يشكل اعتداء على السيادة اللبنانية. كرامتنا من كرامته. وسوف نعمل مع الدول على إعادته إلى بيروت صونا لهذه الكرامة". وأثارت استقالة الحرير المفاجئة تكهنات في لبنان بأن السياسي المتحالف مع الرياض ربما احتجز في خضم صراع إقليمي على النفوذ بين السعودية وإيران، وربما قدم استقالته تحت ضغط. ويشير مراقبون إلى أن إسرائيل بدورها معنية بالحرب المقبلة في المنطقة، حيث كشفت القناة التلفزيونية العاشرة الإسرائيلية، قبل أيام، على وثيقة سرية وصفتها بغير المسبوقة صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية منذ يومين، تحث سفراء إسرائيل على دعم موقف السعودية في حربها في اليمن. كما تتحدث الوثيقة عن شن حملة دبلوماسية على ما سمته التمدد الشيعي في المنطقة، وإقناع قادة العالم بمنع دمج حزب الله اللبناني في أي حكومة لبنانية مستقبلية. وتحمل الوثيقة الإسرائيلية أيضا تحذيرا للسعودية من مغبة التهاون في مواجهة إيران. وشدد المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية في الوثيقة السرية على أن استقالة والأسباب التي أدت إليها تبرز الطبيعة التدميرية لإيران وحزب الله"، وما سماه خطرهما المدمر على لبنان والمنطقة.
وفي نفس السياق، كان الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان قد أكد في افتتاحية صحيفته "رأي اليوم" أن "كل ما يَجري حاليًّا يتم في إطارِ مُخطّطٍ مدروسٍ محبوك بعناية، ومُقدّمة لحربٍ طائفيّةٍ بغلافٍ "قوميٍّ عربيٍّ"،" مضيفا بأن "الهَدف الأساسي هو القوّة الإيرانيّة "الشيعيّة" الصّاعدة، وقَصقصة أذرعها الضّاربة في اليمن ولبنان والعراق، وبدعمٍ أمريكي وإقليمي وإسرائيلي". وأشار عطوان إلى أن المرحلة الأولى من هذا المخطط جرى تنفيذها على المستوى الداخلي للسعودية، وهي المتمثلة في ما يمسى بحملة "التطهير"، معتبرا أن هذه المرحلة "انتهت" بسلاسة، بعد اعتقال العشرات من الأمراء والوزراء، ما يمكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من القضاء على معارضيه داخليا، وإحكام قبضته على كل مناحي الحياة في السعودية قبل حلول ساعة الصفر. وأضاف بأن الصدام العسكري بين إيران والسعودية قد يبدأ على أرضية "حِصار اليمن الخانق، وإغلاق السعوديّة كل المَنافذ البريّة والجويّة والبَحريّة اليمنيّة تحت ذَريعة سَد الثّغرات، ومَنع وصول الصّواريخ الإيرانيّة إلى الحوثيين"، قبل الإنتقال إلى "قَصف لبنان، وتدمير بُناه التحتيّة تحت ذريعة مُحاولة اجتثاث "حزب الله" وتابع عطوان "وقد يَرد الحزب بقَصف دولة الاحتلال الإسرائيلي بآلاف الصّواريخ، وهُنا سَيكون احتمال التدخّل الإيراني والسّوري أكبر من أيِّ وقتٍ مَضى".