وسط أنين المصريين، ومعاناتهم من صعوبات المعيشة، وارتفاع أسعار جميع السلع، والخدمات، وتفاقم الدين العام كثيرا بعد مرور عام على تحرير سعر الصرف، شهدت بعض المؤشرات الاقتصادية لبلادهم تحسنا، واختفت السوق السوداء للعملة. وحرر البنك المركزي المصري سعر صرف العملة في الثالث من نونبر من السنة الماضية، فيما رفعت الحكومة أسعار المواد البترولية مرتين منذ ذلك التاريخ. وعانت مصر، التي تعتمد على الاستيراد، من ارتفاع كبير في معدل التضخم بعد تعويم الجنيه، العام الماضي، إذ فقدت العملة المصرية نصف قيمتها تقريبا، منذ ذلك الحين. وأدى تحرير سعر الصرف إلى تفاقم المصروفات الحكومية ،إذ قالت ثلاثة مصادر حكومية مطلعة ل"رويترز" إن الحكومة تسعى إلى موافقة مجلس النواب على مشروع قانون الحساب الختامي لموازنة 2016-2017، الذي يتضمن الموافقة على اعتماد إضافي للمصروفات في الموازنة بأكثر من 5.7 مليار دولار. كما قفز الدين الخارجي لمصر 41.6 في المائة إلى 79 مليار دولار في نهاية السنة المالية 2016-2017، التي انتهت في 30 يونيو، فيما زاد الدين المحلي للبلاد 20.6 في المائة ليصل إلى 179.1 مليار دولار في 2016-2017. وفي المقابل، عرف الاحتياطي الأجنبي للبلاد من العملة الصعبة زيادة بنحو 13.5 مليار دولار، بعد تحرير سعر الصرف، وحتى نهاية شتنبر الماضي، عندما بلغ 36.534 مليار دولار ليفوق مستويات ما قبل أحداث يناير 2011. كما انخفض العجز التجاري لمصر بنسبة 8.4 في المائة في السنة المالية 2016-2017 إلى 35.4 مليار دولار من 38.7 مليار دولار في السنة السابقة. وتراجع العجز الكلي للموازنة إلى 10.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016-2017 مقارنة مع 12.5 في المائة في السنة المالية السابقة. وخلال الأشهر القليلة الماضية، رفعت الحكومة أسعار جميع السلع، والخدمات، التي تدعمها، من وقود، وكهرباء، ومياه، ودواء، ومواصلات. وقال محمد أبو باشا محلل الاقتصاد المصري في المجموعة المالية هيرميس "كانت سنة صعبة على الجميع، ولكن حاليا لا يستطيع أحد أن ينكر مدى توافر العملة، والقضاء على السوق السوداء للعملة، وتراجع عجز الموازنة، واستعادة ثقة الأجانب في الأسواق المالية لدينا وفي أدوات الدين". وأغلق البنك المركزي المصري العشرات من شركات الصرافة، خلال العامين الماضيين، بينما كانت تعاني البلاد من شح شديد في العملة الصعبة، وتركزها في شركات الصرافة، التي كانت تضارب بها، وتبيعها في السوق السوداء لمن يحتاج إليها من رجال الأعمال، والمستوردين. وباتت البنوك العاملة في مصر، والبنك المركزي تتمتع بوفرة في السيولة الدولارية، نتجت عن بيع الأفراد ما بحوزتهم، عندما كانت هناك مخاوف لبعض الوقت من تراجع سعره، وعن تحويلات المصريين في الخارج، وشراء الأجانب المكثف لأدوات الدين المصرية وسط ارتفاع أسعار الفائدة، وكذلك نتيجة للتعافي الجزئي لإيرادات السياحة. وقال مسؤول في وزارة المالية المصرية لرويترز، اليوم الخميس، إن استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية بلغت نحو 18.8 مليار دولار، منذ تحرير سعر الصرف، في الثالث من نونبر من السنة الماضية، وحتى نهاية أكتوبر 2017. كما بلغ معدل النمو الاقتصادي في البلاد 4.2 في المائة في 2016-2017، وتتوقع مصر ارتفاعه إلى ما بين 5 في المائة، و5.25 في المائة في السنة المالية الحالية 2017-2018، التي بدأت في الأول من يوليوز الماضي. وقال محمد عوض، وهو موظف في جهة حكومية، وأب لثلاثة أبناء "كل حاجة اختلفت عما كانت عليه قبل التعويم.. الحياة أصبحت أصعب بكثير الآن".