كشفت نتائج دراسة تقييمية، أقامتها كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، بشراكة مع البنك الدولي، قبل أشهر، وتحديدا في يناير الماضي، الفاتورة الضخمة، التي يتكبدها المغاربة بسبب التدهور البيئي. الدراسة خلصت إلى أن التدهور البيئي في المغرب كلف البلاد ما يقارب 33 مليار درهم في عام 2014 وحدها، أي ما يمثل نسبة 3.52 في المائة من الناتج الداخلي الخام، خلال السنة ذاتها، معتبرة أن تلوث الماء، والهواء من أكبر التحديات، التي تستلزم معالجة خاصة. وجاء في الدراسة نفسها أن تكلفة تلوث المياه وحدها بلغت حوالي 12 مليار درهم، في حين وصلت التكلفة الناتجة عن تلوث الهواء 9.7 مليار درهم، وهي الناتجة عن انبعاث الغازات في الجو. كما أكدت الدراسة ارتفاع تكلفة تدهور الهواء على الخصوص، خلال العقد الأخير، وذلك من 160 درهما للفرد في عام 2000 إلى 180 درهما في عام 2014. الخطر الذي يتهدد المغاربة بسبب تلوث الهواء لم يعد بعيدا عن أنظار المغاربة، خصوصا في السنوات الماضية، حيث أصبحت ظاهرة "الغبار الأسود" مثلا، قضية تقض مضاجع المغاربة في عدد المدن، من بينها القنيطرة، والمحمدية، والتي خرجت ساكنتها إلى الاحتجاج على الصمت الرسمي تجاه هذا المشكل الخطير. المواطنون عابو محدودية الإجراءات، التي قامت بها الدولة لمواجهة هذا الخطر المحدق بصحة السكان، عبر تدني جودة الهواء الذي يستنشقونه، في حين تشير أصابع الاتهام بالخصوص إلى مختلف الوحدات الصناعية المنتشرة في هذه المدن، وكذا إلى مسؤولية تدبير النفيات الصلبة عبر إحراقها، وما يتسبب فيه ذلك من نفث السموم في الجو. وأصبحت قضية التلوث بمختلف أشكاله إحدى أهم أولويات السياسة، والسياسيين عبر العالم، خصوصا مع بداية ظهور الأخطار الكبرى، التي تهدد البشرية بسبب النشاط البشري، والصناعي غير الصديق للبيئة. وعلى الرغم من الزخم الكبير في النقاش، الذي صاحب تنظيم الدورة 22 لمؤتمر الأطراف (Cop22) السنة الماضية في مراكش، لا يزال التحرك الرسمي للمغرب في هذا الإطار ضعيفا بالمقارنة مع حجم التحديات، التي تواجه صحة المغاربة، وسلامة مجالهم البيئي.