على الرغم من أن خطاب الملك محمد السادس، في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، كان موجها إلى السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث دعاهما إلى البحث عن نموذج تنموي جديد، فإن حزبي الاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار سارعا إلى الاستجابة الفورية لمضمونه، وشرعا في البحث عن هذا النموذج. وبخلاف باقي الأحزاب، التي اعتبرت نفسها، ضمنيا، غير معنية بصياغة النموذج التنموي، أعلنت اللجنة التنفيذية لحزب علال الفاسي عن تشكيل لجنة من خبراء الحزب ستكون مهمتهم الاعتكاف على صياغة مقترح نموذج تنموي "نظري" على الورق. من جهته، أعلن المكتب السياسي لحزب الحمامة، "التزامه بتحضير أرضية تحمل تصور الحزب للنموذج التنموي في أقرب الآجال"، ووعد بإيجاد الإجابة على تطلعات وطموحات المواطنات والمواطنين على أرض الواقع في أفق إغناء النقاش حولها خلال المؤتمرات الجهوية للحزب، وداخل منظماته الموازية ومن طرف جميع خبراءه في المجالات المعنية". وأكد التجمع، في بلاغ لمكتبه السياسي، صدر ليلة أمس، أن هذه الأرضية التي سيعدها الحزب حول النموذج التنموي ستحمل رؤية الحزب، وستقديمها للنقاش أمام المؤسسات المعنية والرأي العام. لكن أستاذ العلوم السياسية، أحمد العمراني بوخبزة، اعتبر أن مبادرة حزبا الاستقلال والتجمع إلى التجاوب مع الخطاب الملكي أمر عادي رغم أن الخطاب الملكي كان موجها بصريح العبارة إلى الحكومة والبرلمان، لأنهما السلطتان المسؤولتان دستوريا على أوضاع البلاد. وأضاف بوخبزة في حديثه ل "اليوم24" أن ما قام به حزبا الاستقلال والتجمع مطلوب من جميع الأحزاب، في إطار المقاربة التشاركية التي يحث عليها الدستور، وباعتبار أن الأحزاب السياسية مطلوب منها مواكبة ومشاركة السلطة في البلاد، طبقا للدستور. وعاب أحمد بوخبزة على الأحزاب عدم تفاعلها ومبادرتها إلى مواجهة عدد من القضايا والاختلالات في البلاد، واعتبر أن الأحزاب يجب أن تكون متفاعلة مع الواقع بدون أن تنتظر توجيها. لكن المتحدث استدرك بالقول إن عدم مبادرة باقي الأحزاب إلى التجاوب مع مطلب صياغة نموذج تنموي جديد للمغرب، ربما مرده إلى أنها تعتبر أنها ستشارك في وضع ذلك من خلال ممثليها بالبرلمان والحكومة. وكان الملك محمد السادس، أعلن ظمنيا أن النموذج التنموي المغربي الحالي لم يعد مجديا لتجاوز المطبات التي يعاني منها الاقتصاد المغربي، داعيا إلى البحث عن نموذج تنموي جديد، ولو عبر إحداث "زلزال سياسي"، بحسب تعبير الملك في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان يوم الجمعة الأخير. وشدد الملك على أنه لن يتساهل مع كل من ثبت تورطه في الاختلالات التنموية السابقة. وقال الملك "إذا كان المغرب قد حقق تقدما ملموسا، يشهد به العالم، إلا أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية". وأضاف الملك "وفي هذا الصدد، ندعو الحكومة والبرلمان، ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية ، كل في مجال اختصاصه ، لإعادة النظر في نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد". وأكد "إننا نتطلع لبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره، ومعالجة نقط الضعف والاختلالات، التي أبانت عنها التجربة".