في ندوة تنظيمية داخلية هي الأولى من نوعها، في إطار الإعداد للمؤتمر الثامن المقبل، أوصى عبدالإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قيادة حزبه بثلاثة أمور قال إنها "تشكل حبل النجاة بالنسبة إلى مستقبل العدالة والتنمية"، وتتمثل في "التشبث بالحرية المسؤولة، وباستقلالية القرار الحزبي، وبالمصلحة العليا للوطن وللحزب كذلك". وصايا بنكيران وصايا بنكيران ألقاها في كلمة قصيرة، أول أمس، في ندوة حول المسألة التنظيمية داخل الحزب بالرباط، وحضرها أعضاء من الأمانة العامة أبرزهم مصطفى الرميد وعزيز الرباج ونزهة الوافي وإدريس الأزمي الإدريسي، وأعضاء اللجنة التحضيرية للحزب ومنهم محمد يتيم وسليمان العمراني وعبد الحق العربي وأمينة ماء العينين ونبيل الشيخي، إضافة إلى الكتاب الجهويين، والكتاب الإقليميين، وأعضاء هيئات التحكيم الوطنية والجهوية، استهدفت تقييم الممارسة التنظيمية للحزب، في أفق بلورة مقترحات ترمي إلى تعديل النظامين الأساسي والداخلي للحزب لعرضها على المؤتمر المقبل. بنكيران التحق باللقاء بينما النقاش حول البناء التنظيمي للحزب كان قد بدأ، وعبّر في كلمة قصيرة عن "سعادته بهذا الجو من النقاش المسؤول والحر"، قبل أن يؤكد أن: "لا خوف على حزبكم مادمتم متشبثين بالديمقراطية الداخلية، وبالحرية في النقاش"، وخاطب قيادة الحزب بقوله: "أي واحد منكم أراد فرض الديكتاتورية داخل هذا الحزب، يجب أن تتصدوا له جميعا، من اليوم وفي المستقبل، من أجل حماية قيمة الحرية المسؤولية"، مشددا على "أن تكون الكلمة في موضعها، مع مراعات آداب الاختلاف". وإلى جانب الديمقراطية الدخلية والحرية، ألح بنكيران على أهمية "التشبث باستقلالية القرار الحزبي"، وقال لقيادات الحزب "مادمتم متشبثين باستقلالية القرار داخل حزبكم، بحيث تقررون ما ترونه صحيحا، وفيه خير لوطنكم وحزبكم، فلا خوف عليكم مهما كانت الصعوبات والتحديات"، وأكد رئيس الحكومة السابق على "مراعاة المصلحة العليا للوطن، وللحزب كذلك". ودعا الأمين العام لحزب المصباح أعضاء حزبه إلى "أن مناقشة كل شيء، ترون فيه مصلحة معتبرة"، في ردّ، ربما، على ما من دعا داخل اليوم الدراسي إلى تأجيل أي تغييرات جوهرية على النظام الأساسي للحزب إلى ما بعد المؤتمر، بداعي أن الحزب "يعيش وضعا غير طبيعي". وأضاف "لا بد أن توفوا للناس بما وعدتموهم به، وغير مسموح لكم بقتل الأمل الذي علّقوه على حزبكم". نقاش هادئ؟ وتميّز اليوم الدراسي بنقاش وُصف ب"الهادئ والرزين"، بحيث خلا من "أي توتر أو تشنج" كان محتمل الوقوع بسبب الخلافات الظاهرة بين قيادات الحزب وأعضائه فيما يخص مستقبله السياسي، لكن رغم ذلك، فقد اتخذت بعض قيادات الحزب، وخاصة مصطفى الرميد وعزيز الرباح ومحمد يتيم، من الخلاف في وجهات النظر سندا في الدفاع عن فكرة رئيسة خلال النقاش حول تعديل النظام الأساسي، مفادها أن "الحزب في وضع متشنج ومتوتر، لا يسمح بإجراء تعديلات جوهرية على النظام الأساسي"، وقال أحد هؤلاء إن "الأهم والأولى أن نبقى موحدين، وأن نخرج موحدين من المؤتمر، ويمكن أن تأتي ظروف أفضل تسمح بإجراء أي تعديل، ولو تطلب ذلك عقد مؤتمر استثنائي". لكن هذا الرأي أثار استغراب بعض قيادات الحزب خلال اللقاء، التي اعتبرت أن "الدعوة إلى الاكتفاء بتعديلات بسيطة، وتأجيل الجوهري منها إلى مؤتمر لاحق، وراءه الرغبة في الهروب من النقاش الحر والمسؤول"، وأن "ما يشعر به بعض الوزراء في الحزب، لم يشعر به غيرهم، بدليل أن النقاش خلال اليوم الدراسي كان هادئا وراقيا، وبدليل أن المؤتمرات الإقليمية تمر في الأجواء نفسها، ولم يثبت أن الخلاف في وجهات النظر أثّر سلبا على أي منها". القضية الأخرى الأهم التي طرحت للنقاش تتعلق بالعضوية في الأمانة العامة للحزب، إذ طالب البعض بحذف عضوية الوزراء فيها بالصفة، واقترحوا إحداث هيئة جديدة باسم "الفريق الوزاري"، على غرار "الفريق البرلماني"، على أن تمنح لرئيس الفريق الوزاري فقط، العضوية في الأمانة العامة. وفي حالة كان الحزب من يترأس الحكومة أو يترأس إحدى غرفتي البرلمان تمنح له بصفته تلك العضوية في الأمانة العامة، وبرّر المطالبون بهذا التوجه رأيهم بأن الأمانة العامة "لا تتدخل في تدبير الشأن الحكومي والقطاعي"، وبالتالي "لا داعي لكي يمثل كافة الوزراء في قيادة الحزب". وأثيرت نقطة إضافية تتعلق بطريقة انتخاب المجلس الوطني، بين من طالب بالإبقاء على الوضع الحالي، حيث ينتخب أعضاء المجلس الوطني في المؤتمر، ولكن حسب "كوطا" ممنوحة للجهات بحسب عدد الأعضاء، رأى البعض الآخر أن هذه الصيغة أثبتت فشلها، والدليل على ذلك مستوى النقاش في دورات المجلس، بسبب هيمنة رجل التنظيم على مكونات المجلس، ودعا مؤيدو هذا التوجه إلى اقتراح صيغة جديدة تعيد التوازن بين تمثيلية الجهات وتسمح بإدماج الكفاءات السياسية والفكرية والثقافية في المجلس. المصادر التي تحدثت إلى "أخبار اليوم" أكدت أن النقاش كان "عميقا وهادئا"، وهو الأول من نوعه منذ حادثة إعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة، وكان مقررا أن يخرج اليوم الدراسي بتوصيات، تقرأ ويصادق عليها في نهايته، لكن تم في النهاية تخويل اللجنة القانونية تجميع مختلف الاقتراحات والأفكار وإعداد التعديلات الممكنة على النظامين الأساسي والداخلي، التي سترفع إلى اللجنة التحضيرية، ثم الأمانة العامة، فالمجلس الوطني قبل تقديمها في المؤتمر المقبل المقرر المزمع عقده في دجنبر المقبل. إشكالية الولايتين الاختلاف بين وجهتي النظر هاته، انعكست في النقاش حول القضايا الأكثر أهمية في النظام الأساسي والداخلي، وعلى سبيل المثال، حينما أثيرت المادة 16 في النظام الأساسي المتعلقة بقاعدة الولايتين في تولي المسؤوليات، عبرت قيادات الحزب عن رأيين: رأي يعتبر أن الوضع المأزوم الذي يمر به الحزب يستدعي تعديل هذه القاعدة، وأن التمديد للأمين العام الحالي، عبدالإله بنكيران، هو فرصة للإقدام على ذلك، كما طرح نفس التوجه العودة إلى إعمال قاعدة التنافي بين تولي المسؤولية في الحزب (كاتب محلي، كاتب إقليمي، كاتب جهوي..) وبين تولي مسؤولية تدبير الشأن العام (رئيس جماعة، رئيس جهة، رئيس حكومة..). أما الرأي الثاني، فقد دافع عن خلاف ذلك، إذ رأى أن التخلي عن قاعدة الولايتين "لم يحن أوانه بعد"، على اعتبار أن "هذا تعديل جوهري في النظام الأساسي للحزب، لا تسمح به الظروف غير الطبيعية التي يمر بها حاليا"، وبخصوص العودة إلى إقرار حالة التنافي اعتبر هذا التوجه أنه "لا يجب التضييق على كفاءات الحزب". لكن من داخل هذا التوجه وقع فرز آخر، بين من يرفض تعديل مبدأ الولايتين، لكن يطالب بالعودة إلى مبدأ التنافي بين المسؤولية الحزبية والمسؤولية في تدبير الشأن العام، حتى بدا وكأن "أغلب الحضور يؤيدون العودة إلى إقرار حالة التنافي، لأن التجربة أكدت أن الحزب تأثر بشكل كبير، بسبب صعوبة التوازن بين المسؤوليتين". ومهما كان التوجه الغالب بخصوص إلغاء قاعدة الولايتين خلال اليوم الدراسي، أو حتى داخل اللجنة القانونية المتفرعة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن، فإن المجلس الوطني للحزب الذي ستعرض عليه أوراق المؤتمر يبقى هو المخول بترجيح أحد التوجهين؛ سواء بالإبقاء على قاعدة الولايتين أو تعديلها بما يسمح للمسؤول الحزبي الاستمرار في المسؤولية لأكثر من ولايتين.