بعد أزمة جزيرة ليلي التي وقعت في 17 يوليوز 2002، بوادر نسخة ثانية لأكبر أزمة خارجية في عهد الملك محمد السادس تلوح في الأفق، بعدما عاد الجيش الإسباني مرة أخرى، إلى استفزاز المغرب من جديد، من خلال الشروع في أشغال بناء مرافق فوق الجزيرتين المغربيتين «لا تييرا» و»مار» قبالة السواحل مدينة الحسيمة، وهما الجزيرتان اللتان تحتلهما إسبانيا منذ سنة 1559. وكانت الاتفاقيات الموقعة مع السلطات المغربية، تقضي بالحفاظ على الوضع القائم في الجزيرتين. وكالة الأنباء الإسبانية «إيفي» كشفت أن الجيش الإسباني يقوم في الأيام الأخيرة بنقل مواد للبناء بين صخرة الحسيمة (النكور)، وجزيرتي «مار» و«لاتييرا»، وهي ثلاث صخور تُعرف ب«جزر الحسيمة» وتحتلها إسبانيا. المصدر ذاته أضاف قائلا: «انطلاقا من السواحل المغربية (الحسيمة)، يتضح جليا في الأيام الأخيرة، وإلى حدود اليوم، وجود مروحية تصل إلى صخرة الحسيمة (الجزيرة الوحيدة المسكونة)، من أجل إفراغ مواد (البناء) ونقلها في زوارق إلى الجزيرتين، حيث لم تكن توجد أي بنيات مشيدة». وأضاف أن المؤسسة العسكرية الإسبانية أقامت خيمتين عسكريتين في الجزيرتين. وعلى الرغم من أن أشغال البناء ظاهرة للعيان بالجزيرتين إلى أنه، وإلى حدود الساعة، ليس هناك أي رد رسمي من قبل الحكومة المغربية على الخطوة الإسبانية. مصدر مغربي مطلع أوضح ل« اليوم 24» أنه لا يمكن للسلطات المغربية ألا تكون على علم بتلك الأشغال، وهي على بعد أميال قليلة من ساحل الحسيمة، مشيرا إلى إمكانية «أن تكون السلطات الإسبانية دخلت مع نظيرتها المغربية في مفاوضات ومشاورات بهذه الخصوص»، نظرا إلى العلاقات «الممتازة»، التي تجمع بين البلدين حاليا. وأضاف أن تلك الأشغال يمكن أن يكون الهدف منها بناء مراكز مراقبة بالجزيرتين لمنع المهاجرين السريين من العبور إلى إسبانيا، لا سيما في ظل ضغط الهجرة مؤخرا انطلاقا من سواحل الحسيمة والناظور. بدوره لم يكشف الجيش الإسباني رسميا عن طبيعة وأهداف التحركات التي يقوم بها في الجزيرتين المغربيتين، علما أن هذه التحركات تأتي في عز أزمة احتجاجات الريف وانشغال السلطات المغربية بإيجاد حل لها، كما أنها تأتي، أيضا، في عز تحضير حكومة كتالونيا لإنجاح مشروع الاستفتاء يوم فاتح أكتوبر المقبل لتقرير المصير بكتالونيا. فهل تسعى إسبانيا إلى فبركة أزمة مع المغرب، من أجل التغطية على حملة الاعتقالات التي تقودها ضد منظمي الاستفتاء بكتالونيا؟ «إيفي» رجحت، أيضا، إمكانية أن يكون الهدف من أشغال البناء، التي يقوم بها الجيش الإسباني في الجزيرتين، هو محاربة الهجرة السرية، إذ في بداية غشت المنصرم وصل 37 مهاجرا إلى جزيرة الحسيمة، لكن رُحلوا إلى مليلية المحتلة.