بعد شكاية سابقة حول استمرار مدير سابق للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمراكش (راديما) في التوصل برواتبه الشهرية، واستفادته من تعويضات لسنوات طويلة حتى إحالته على التقاعد، بالرغم من مغادرته للوكالة وتعيينه مديرا مركزيا بوزارة الداخلية ثم عاملا على إقليمشيشاوة، من المنتظر أن تصبح «اختلالات جديدة في التدبير المالي للمؤسسة نفسها» موضوع شكايات أخرى أمام القضاء.فقد أكدت مصادر متطابقة بأن جمعيات تُعنى بحماية المال العام، تعتزم التقدم بشكايات لدى الوكيل العام للملك، تطالب فيها بالتحقيق في هذه «الاختلالات». واستنادا إلى المصادر نفسها، فمن المقرر أن تستند الجمعيات للتقرير الأخير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات، والذي كشف عن أرقام مفزعة متعلقة بالتدبير المالي للوكالة المستقلة، قد أشار إلى تراجع الناتج الصافي من 22 مليار و900 مليون سنتيم، خلال سنة 2010، إلى مليار و100 مليون سنتيم في سنة 2013، قبل أن يتقلص، في السنة الموالية، إلى حدود 600 مليون سنتيم. كما لفت الانتباه، إلى أن الوكالة لا تُعمل المنافسة والإشهار في عقد الصفقات التفاوضية، وتبرمها في غياب الملفات الإدارية والمالية والتقنية لمكتب الدراسات، كما تقوم بالإشهاد على صحة الخدمات المنجزة من طرف المقاولات الفائزة بإنجاز بعض الصفقات، وتوقع لها على الاستلام المؤقت والنهائي، قبل إتمام الأشغال، بل إنها قامت بالإشهاد على صحة خدمات أربع صفقات، لتبرير النفقات المتعلقة بها ،رغم توقف أشغال هذه المشاريع. وأكد المجلس بأن «راديما» تودع أموالها بمؤسسات بنكية بدون ترخيص من وزارة المالية، موضحا بأنها تملك 8 حسابات بنكية، من بينها أربعة مفتوحة بوكالات خاصة، وهو ما اعتبره خرقا للقانون المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة،التي تشدد على إيداع الأموال المتوفرة للمؤسسات العمومية لدى الخزينة العامة للمملكة. كما أشار إلى أن الوكالة تأخرت في تفعيل المشاريع المبرمجة في المخطط المديري للتطهير السائل،إذ لم تنجز منها سوى 20 في المائة، بين 2009 و 2015، وفي المقابل،أنجزت مشاريع غير مبرمجة أصلا في المخطط. من جهته، ردّ مدير الوكالة بأن عدم توفر وثائق التعمير الخاصة بالمدينة أخّر تسلم الدراسات المتعلقة بمخطط التطهير السائل، مضيفا بأنها قامت بتدقيق داخلي لعشر صفقات تجاوز مبلغها 500 مليون سنتيم، وأرست نظاما للمحاسبة التحليلية، أما بخصوص إيداع أموال الوكالة بأبناك خاصة، فقد تعهد بأن يتم الأخذ بتوصيات المجلس. مصادرنا أكدت بأن الشكايات من المقرر أن تستند،أيضا،إلى تقرير صادم آخر حول الوضع المالي للوكالة، المعروض خلال أشغال مجلسها الإداري الأخير، والذي أشار إلى أن 57 مليار و900 مليون سنتيم هي قيمة فواتير الماء والكهرباء غير المستخلصة، إلى حدود 30 نونبر الفارط، والتي تدين بها لجماعات ترابية ومؤسسات عمومية، بالإضافة إلى شركات خاصة و أشخاص ذاتيين. وأّوضح التقرير أن الفواتير المتراكمة على الإدارات والمؤسسات العمومية تبلغ 18 مليارا و800 مليون سنتيم، و تأتي بلدية مراكش على رأس المتخلفين عن أداء فواتيرها،التي تصل إلى 6 مليار و400 مليون سنتيم، فيما مجموعة «العمران» بمراكش بذمتها فواتير غير مؤداة بقيمة 500 مليون سنتيم، ومندوبية وزارة التربية الوطنية مدينة بأكثر من 400 مليون سنتيم، ومندوبية وزارة الصحة بأكثر من 100 مليون سنتيم. وإذا كانت راديما تعمد إلى قطع التزويد بالماء والكهرباء عن الأشخاص الذاتيين المتخلفين عن أداء الفواتير، فإنها لم تحسم بعد في طريقة استخلاص الفواتير التي هي في ذمة الجماعات والمؤسسات العمومية، في الوقت الذي أكد فيه مصدر مسؤول ل»أخبار اليوم» بأن الوكالة مقاولة مواطنة، ولا يمكنها أن تلجأ إلى قطع مواد حيوية عن مؤسسات تُعنى بخدمة المواطنين.