أسماء بوجيبار، أول مغربية تلج إلى وكالة الفضاء الأمريكية. في هذا الحوار تتحدث أسماء عن أصولها الريفية وعن جدها المقاوم إلى جانب عبد الكريم الخطابي، وعن دراستها في فرنسا وعن طموحاتها العلمية، وعن ارتباطها بجذورها في المغرب. { تُعرَفين اليوم كأول امرأة مغربية تدخل وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، ماذا يعني لك ذلك؟ قد أكون أول امرأة مغربية، ولكن لست أول امرأة عربية. إذ توجد سيدة مصرية تعمل في الوكالة. بالنسبة إليّ يمثل ولوجي «ناسا»، رمزا لروح التنافس لدى النساء ونضالهن في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، وأنا طبعا سعيدة بهذا الإنجاز. { حدثينا قليلا عن مسارك الدراسي والمهني قبل أن تصلي إلى وكالة الفضاء الأمريكية؟ بعد حصولي على شهادة الباكلوريا في شعبة العلوم من ثانوية «ليوطي» بالدار البيضاء، توجهت إلى «رين Rennes» لأتابع دراستي الجامعية، وهناك حصلت على الإجازة في علوم الأرض. في «جزيرة ريونيون ile de Réunion «، تابعت دراستي لأحصل على شهادة «الماستر» الأولى في علم البراكين، وواصلت البحث والدراسة، حيث حصلت على شهادة الماستر الثانية من جامعة «كليرمون فيراند Clermont Ferrand»، وحاليا أستعد لتقديم أطروحتي في الدكتوراه شهر ماي المقبل والتي تناولت من خلالها موضوع تشكل الكواكب وتفريقها، وقد أنجزت أطروحتي تحت إدارة الأستاذ دنيس أدرو في مختبر الصهارة والبراكين «Laboratoire Magmas et Volcans» التابع لجامعة بليز باسكال «Blaise Pascal». طوال فترة إعدادي لأطروحتي، الماستر، استفدت من ثلاث دورات تدريبية وبحثية، الأولى كانت في جزيرة «ريونيون» حول الحمم البركانية والبراكين في الجزيرة، والثانية في «كليرمون فيران» عن ارتفاع الضغط ودرجة الحرارة، والثالثة كانت في اليابان عن حركية التفاعل الكيميائي في النقط الساخنة حول الأعمدة البركانية. في نهاية دراستي لنيل شهادة الماستر، تمكنت من الحصول على فرصة التخصص في البحوث، حيث ارتبطت بعقد لمدة ثلاث سنوات مع مختبر الصهارة والبراكين لأقوم ببحوث في مجال علم الكواكب. خلال تلك الفترة قمت بعدد من البحوث التي مكنتنا من تتبع النظام الشمسي ومعرفة تاريخ تشكل الكواكب. { كنت تحلمين دائما بولوج «ناسا»؟ في الحقيقة لا. لم يكن هذا حلمي بشكل محدد، كما أنه لم يكن هدفا بالنسبة إليّ، كل ما كنت أطمح إليه هو تلبية رغبة جامحة بإجراء بحوث ودراسات في مجال علوم الأرض والكون. { كيف تم ولوجك إلى وكالة الفضاء الأمريكية؟ مر الآن أسبوع منذ أن علمت بقبول التحاقي بوكالة الفضاء الأمريكية. تقدمت في شهر أكتوبر من السنة الماضية بطلب لل»ناسا»، وتحديدا «برنامج الوكالة لما بعد الدكتوراه». من أجل الحصول على فرصة ولوج هذا البرنامج تفرض الوكالة على المرشحين تقديم مشروع بحث مفصل والاتصال بفريق البحث وتحديدا الباحث الذي يرغب المرشح في تطبيق مشروعه رفقته وذلك للحصول على موافقته. أيضا على المرشح أن يكون حاصلا أو في صدد الإعداد لأطروحة الدكتوراه، وأن يكون قد سبق له نشر دراسات وبحوث في مجلات علمية، أيضا يجب على المرشح أن يتوفر على رسائل تنويه جيدة من الباحثين الذين سبق له الاشتغال معهم، بعد ذلك تعرض ملفات الترشيح على لجنة من الباحثين الذين يقومون بانتقاء الترشيحات الواعدة، لذلك كنت محظوظة إذ حصل ترشحي على قبول اللجنة. { تتحدرين من عائلة المناضل عبدالكريم الخطابي، هل كان لذلك أي تأثير في تنشئتك؟ جدي محمد بوجيبار «1897/1982»، قاوم إلى جانب صهره محمد بن عبد الكريم الخطابي الاحتلال الإسباني في حرب الريف التي استمرت من 1921 إلى غاية 1925، وقد تم نفيه لمدينة الجديدة سنة 1925، هناك عاش في إقامة محروسة من طرف سلطات الاحتلال إلى غاية سنة 1956، سنة حصول المغرب على الاستقلال. لم تكن لي للأسف فرصة للقاء جدي لأنني ولدت سنتان بعد وفاته، ولكن والدي وأيضا جدتي حبيبة زرقاني، حفظهما الله لنا، كانا يحرصان دوما على أن يحكيا لنا بعض الأحداث والمواقف التاريخية البارزة في حياته. أتذكر على الدوام ما كانا يحكياه لنا عن الظروف القاسية التي عاشها الخطابي في طفولته ونضاله حتى يتمكن من التعلم. ما أحتفظ به في ذاكرتي عن هذا الرجل العظيم، هو حرصه طوال حياته على تمكين أبنائه من الذكور وحتى الإناث من مواصلة تعليمهم إلى حين بلوغهم المرحلة الجامعية. أنا على يقين من أنه كان مقتنعا بفضل العلوم وإمكانية إسهامها في تطور حياة الإنسان، حيث لمست هذا في والداي اللذين كانا حريصين على نقل هذه القيم إلينا، وخصوصا التعطش الدائم للعلم والتعلم، الصفة التي حفزتني لأواصل دراستي وبحوثي. { هل حاولت الحصول على عمل في المغرب قبل طلب ولوج «ناسا»؟ للأسف مختبرات البحوث المختصة في مجال دراستي وبحثي قليلة على الصعيد العالمي، لذلك لم أتقدم سوى بطلبات قليلة لهذا العدد الضئيل من المختبرات المختصة في بحوث وتجارب ارتفاع الضغط وارتفاع درجات الحرارة وعلوم الكواكب. { ما هو طموحك الموالي، أي بعد إتمام سنتي البحث في «ناسا»؟ وهل تفكرين في الاستقرار بالمغرب؟ بعد انتهاء عقدي المحدد في سنتين داخل وكالة الفضاء الأمريكية، سأحاول إيجاد وظيفة كباحثة في فرنسا، حيث إن زوجي وجميع أصدقائي الذين تعرفت عليهم خلال مسيرتي الدراسية يستقرون في فرنسا، ولكن والداي وجزءا كبيرا من أفراد عائلتي يقيمون في المغرب وأنا بدوري متشبثة ومتعلقة كثيرا بوطني الحبيب، ولذلك، سأغتنم أي فرصة تتاح لي لقضاء بعض الوقت في المغرب لأحافظ على روابطي ببلدي. .