السجناء المغاربة القابعون في السجون الإسبانية يكلفون الجارة الشمالية أموالا ضخمة، كما أنهم يعيشون حيات البذخ والرفاهية مقارنة مع الوضع المزري في سجون المملكة، ويشتغلون في السجون مقابل راتب شهري يضمن لهم كرامتهم، ويسمح لهم بإعالة أسرهم سواء في المغرب أو إسبانيا. سجناء يدخلون دون مهنة ويخرجون بحرفة تسمح لهم بالاندماج في المجتمع. هذا ما كشفه تحقيق لموقع "بولسامانيا" الإسباني، اعتمادا عن شهادات مصادر من إدارة السجون، وتقرير حصلت عليه من نقابة السجناء في إسبانيا (Acaip). تقرير نقابة السجناء بإسبانيا أشار إلى وجود 3125 مغربيا في مختلف السجون الإسبانية، من بينهم رجال ونساء، موضحا أن كل سجين مغربي يكلف خزينة الدولة الإسبانية يوميا 500 درهم، أي أن جميع السجناء المغاربة يكلفون الدولة الإسبانية 156 مليون سنتيم، فيما تصل تكلفة سجين واحد شهريا إلى 15000 درهم، وأن جميع السجناء يكلفونها 4.6 مليار سنتيم. هكذا فإن السجناء المغاربة يكلفون الخزينة الإسبانية 55.2 مليار سنتيم سنويا. علما أن الدولة الإسبانية تخصص لسجونها ميزانية تقدر ب1124 مليار سنتيم سنويا. التقرير أشار إلى أن إسبانيا هي البلد الوحيد الذي يخصص ميزانية مرتفعة للسجناء المغاربة، إذ تكلفة السجين الوحيد لا تتجاوز 490 درهما في جميع الدول الأوروبية، بما في ذلك المتقدمة منها، مثل ألمانيا وفرنسا. في السويد مثلا يكلف سجين مغربي واحد دولتها 420 درهما، فيما لا يتجاوز في أوكرانيا 30 درهما. التقرير أوضح أن تلك الأموال تذهب لتحسين الخدمات اليومية المقدمة للسجناء، مثل التطبيب والتغذية والأمن وصيانة المرافق والتكوين التعليم والإدماج والرفاهية والراحة النفسية. "السجناء لديهم شاشات التلفاز في غرقهم وفي الساحات الكبيرة من أجل التسلية. نعم، ترتفع المصاريف، لكن ذلك يسمح بتفادي المواجهات بين السجناء والعاملين في المؤسسة السجنية"، يقول مصدر في إدارة السجون الإسبانية. جودة الخدمات المقدمة للسجناء المغاربة بإسبانيا تجعل الأغلبية الساحقة منهم يقررون قضاء العقوبة السجنية هناك، وهذا ما يؤكده مصدر سجني قائلا: "من المحزن قول ذلك، لكن الكثير من السجناء الأجانب يحكون لنا بأن المراكز السجنية الإسبانية هي إقامات فاخرة بالنسبة لهم مقارنة مع حالات السجون في بلدانهم الأصلية". من أصل 13400 سجين أجنبي بالسجون الإسبانية يحتل المغاربة المرتبة الأولى ب3125 سجينا، متبوعين بالرومانيين 1594 سجينا، والكولومبيين 1471 سجينا، والأكوادوريين 585، والدومينيكانيين 529، والجزائريين 427، والنيجريين 427، والبرتغاليين 343، والبوليفيين 313، والصينيين 280. التقرير يبرز أيضا خطورة الارتفاع المهول لعدد السجناء المغاربة في الجارة إسبانيا بسبب تضاعف عددهم مقارنة مع الرومان مرتين، وثلاث مرات مقارنة مع الكولومبيين والإكوادوريين، و12 مرة مقارنة مع الصينيين. معامل داخل السجن "نحاول من داخل السجن أن نخلق حياة جديدة للسجناء خلال الفترة الحبسية، لهذا أحدثت أوراش، ويتم تعزيز النقاشات، وبالطبع هناك فرص عمل من داخل السجن"، تقول مصادر رسمية. التحقيق يبرز أن سجناء مغاربة وغير المغاربة يشتغلون في مصانع للخبز والخياطة داخل السجن. "هذا يسمح لهم بتلقي تربية جديدة وأن يحصلوا على الأموال الكافية لإرسالها إلى أسرهم أو توفيرها لفترة ما بعد مغادرة أسوار السجن"، تقول نفس المصادر. ويصل راتب السجين المغربي الملزم، والذي يتم اختياره للعمل في مصانع دخل السجون الإسبانية، إلى 6000 درهم شهريا؛ رغم أنه راتب ضعيف، إلا أن الهدف منه هو تشجيع السجناء على الاجتهاد للخروج بحرفة من داخل السجن لمواجهة تكاليف الحياة الخارجية والابتعاد عن عالم الجريمة.