يحق لمشروع قانون مالية 2017 أن يدخل كتاب الأرقام القياسية "غينيس" من حيث السرعة التي تمت بها مناقشته، وذلك خلافا لمشاريع قوانين سابقة التي كان يصادق عليها غالبا ليلة انقضاء الآجال القانونية. مشروع قانون مالية 2017 الذي عرض على البرلمان في جلسة عمومية عقدت مباشرة بعد حصول حكومة سعد الدين العثماني، على ثقة البرلمان، لم يتطلب سوى أسبوعين فقط للدراسة ومناقشة داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، إذ يتوقع أن يكون االأخير صادق عليه في جلسة عمومية مساء أمس (الجمعة). محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، حاول التقليل من التأويلات التي يمكن أن ترتبط ب"السرعة الفائقة" لمناقشة مشروع قانون مالية 2017، وقال في جلسة عمومية أمس (الخميس) ردا على مداخلات الفرق إن "الدراسة والمصادقة السريعة لمشروع قانون المالية لا تعني عدم الاهتمام به، ونحن نتفهم هذه الدراسة في أقرب آجال". ففي تقدير الوزير التجمعي بوسعيد، فإن مشروع قانون مالية 2017 أخذ وقته الكافي من الدراسة "لقد حظي المشروع بنقاش عميق داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية كما أن المصادقة السريعة عليه من شأنها إعطاء إشارات قوية للمستثمرين، إلى جانب أن الحكومة ستشرع في تنفيذ برنامجها وستعود مرافق الدولة إلى سيرها العادي". ومن باب الدفاع عن المنهجية التي اعتمدتها الحكومة، ومعها لجنة المالية بمجلس النواب، قدم الوزير بوسعيد بعض الإشارات تفيد عمق النقاش وانكباب البرلمانيين على التدقيق في مضامين مشروع قانون مالية السنة الجارية، إذ قدمت الفرق حوالي 154 تعديلا، قبلت الحكومة 60 منها فقط، كما افتخر بوسعيد بكون الحكومة لم تلتجأ إلى الفصل 77، كما فعلت في مشاريع قوانين مالية في عهد حكومة عبد الإله ابن كيران، "وهذا مؤشر على أن الحكومة تفاعلت مع نقاش البرلمانيين، ولم تكن مضطرة للدفع بالفصل المذكور"، يوضح بوسعيد الذي عرج في رده على مداخلات مختلف الفرق، لكنه توقف عند أبرز ما جاء فيها خصوصا ما يتعلق بالإعفاءات الضريبية مثل ما تم مع السلفات الصغرى التي تستفيد منها شريحة واسعة من المواطنين. وبلغة الأرقام، اتضح من مداخلة بوسعيد أن موضوع إفلاس المقاولات في المغرب حقيقة، إذ تؤكد معطيات إفلاس حوالي 74555 مقاولة خلال سنة 2016، كما أفلست خلال الأشهر الأولى من السنة الجارية أزيد من ألفي مقاولة، لكن بوسعيد حاول عرض هذه الأرقام مقارنة مع المقاولات التي تم إنشاؤها (39939 مقاولة جديدة سنة 2016، و12165 مقاولة منذ فاتح يناير 2017). من هذا المنطق، قارن بوسعيد إفلاس المقاولات بوفاة الأفراد، مقابل مواليد جدد، لكنه وعوض أن يترك المسؤولية ملقاة على عاتق الدولة فقط لأنها لا توفر السيولة الكافية للمقالات، وجهت أصابع الاتهام إلى المقاولات الكبرى التي تتعامل مع نظيرتها الصغرى ولا تسدد مستحقاتها.