يبدو أن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، قرّر فتح ملف السطو على الأراضي والعقارات، إذ يتابع وفي وقت واحد ملفين بارزين. الأول انفجر في الناظور، حيث تقاوم عائلة الحرشي من أجل استرجاع أزيد من 38 هكتارا، بعضها أُخذ منها بطرق ملتوية بعد وفاة الأب في بداية الثمانينيات، بينما يتمثل الملف الثاني في عقار «إبا إيجو» الذي فتح أمام باب الرميد العشرات من الملفات المشابهة يعاني أصحابها من الفلاحين البسطاء هيمنة النافذين والأقوياء في مناطق بسوس وآيت باعمران. آخر تطورات قضية إيجو، كانت تقديم شكايات متعددة من طرف متضررين بمناطق تزنيت وسيدي إفني وكلميم إلى مدير مركزي بوزارة العدل والحريات بتكليف من الوزير الرميد. تقديم الشكايات جاء على إثر وقفة أمام الوزارة بداية الأسبوع المنصرم. ذلك أنه بعد انفجار قضية «إبا إيجو»، قام وفد برلمانيي سوس بزيارة للرميد، الذي اقتنع بأن قضية «إبا إيجو» ما هي إلا قضية من بين العشرات من القضايا التي بدأت تنفجر تباعا، وتكشف عن تلاعبات خطيرة من أجل السيطرة على أراضي فلاحين صغار في بوادي المنطقة. محمد عصام، البرلماني السابق عن العدالة والتنمية بسيدي إفني، والذي تزعم الدفاع عن هؤلاء المتضررين، أوضح ل» اليوم24» أن الملفات التي قُدمت بشأنها شكايات إلى الرميد تكاد تشترك في نقط كثيرة. ثمة لوبي للعقار في المنطقة يستولي على الأراضي بطرق ملتوية، إذ يلجأ إلى الأراضي التي يعرف مُسبقا أنها موثقة بعقد عُرفي فقط، ويحاول إثبات أنها ليست في ملكية أحد، ثم يرفع دعوى الترامي على ملك الغير، ويثبت عبر شهادات شهود جاهزين لهذا الغرض، والذين لا يتغيّرون وإن تغيرت الأرض والعقار، ثم بواسطة الملكية الجديدة يتم تحفيظ العقار في اسم مالكه الجديد. الرميد وفور توصله، عبر المسؤول الذي كلّفه بذلك، بالشكايات مجتمعة من المتضررين، يتجه إلى تحريك الملف، أولا عبر تعميق البحث في الملفات التي يتوفر بشأنها على شكايات. مما يعني أنه لن يقتصر على البحث والتحري في قضية «إبا إيجو» لوحدها، كما أشار إلى ذلك بلاغ وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتزنيت، وبلاغ المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب. وفي حال تم ذلك، يقول محمد عصام، فإن فضائح كثيرة للوبي العقار ستنكشف تباعا في هذه المنطقة، وربما قد تطيح برؤوس عديدة. القضية الثانية، التي أمرت وزارة العدل والحريات أن أمرت بفتح تحقيق في شأنها، موثقة برسوم عقارية لدى المحافظة العقارية تحت عدد 11/2645 و11/2646 و11/16059 على أنها في ملكية أربع عائلات، لكن عائلة الحرشي تقول إن الرسوم العقارية المذكورة تم إنشاؤها على أساس ثلاثة رسوم خليفية تحمل عدد 1841 و1599 و2097 توثق لأراضي أخرى تختلف عنها موقعا وحدودا ومواصفات وأوعية عقارية، باستثناء الرسم العقاري رقم 2097 الذي يُعتبر بدون جدوى إذ سبق للمحكمة بالناظور أن قضت ببطلانه، وفقا للحكم الذي تتوفر «أخبار اليوم» على نسخة منه. من أجل إثبات التلاعبات التي وقعت، بدأ جمال الحرشي إعداد هذا الملف منذ سنة 2001، وبعد استجماع كل الوثائق المرتبطة به، تقدم بشكاية إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالناظور في دجنبر 2012، ثم تقدم بطلب آخر إلى رئيس المحكمة نفسها وفي التاريخ نفسه، من أجل تعيين خبير محلف لإجراء المعاينة حول العقار المتنازع عليه، والموثق بالرسوم العقارية المشار إلى أرقامها آنفا، والتي تؤكد عائلة الحرشي أنها تختلف تماما عن تلك التي تعود إلى ملكيتها. بمعنى أن الذين قاموا بالسطو على الأرض اشتروا بجوارها قطعة صغيرة ثم استغلوا وفاة الأب ليُسيطروا على أراضي ورثته بما فيها من مزروعات، عبر طرقهم الخاصة. ظل جمال الحرشي يطوف على المحكمة لأزيد من سنتين، من أجل أن تبعث بخبير محلف يدقق ويتحرى في ادعاءاته، لكن دون جدوى. ليقرر في الأخير اللجوء إلى وزير العدل والحريات قبل أزيد من شهر ونصف. الحرشي، أحد ورثة عبد السلام الحرشي، كشف ل»اليوم24» أنه مباشرة بعد وضع شكايته لدى وزارة العدل والحريات، تم تحريك البحث في الملف على المستوى المحلي بعدما توصلت الجهات القضائية بالناظور من الوزارة الوصية بما يفيد إجراء بحث معمق في ادعاءات ورثة الحرشي. إذ من المقرر أن ينتقل خبير محلف اليوم، إلى حيث وجود العقار من أجل إجراء البحث اللازم في الموضوع.