دعا المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي المشاركين في الملتقى الوطني للتعليم الخصوصي، المنعقد حاليا بمدينة مكناس، إلى فتح نقاش عميق حول إشكالية علاقة هذا النوع من التعليم بالنموذج البيداغوجي للمدرسة المغربية. وقال الأمين العام للمجلس عبد اللطيف المودني في عرض خلال أشغال الملتقى الذي تنظمه رابطة التعليم الخاص بالمغرب، إن هذا النقاش يكتسي راهنيته، لا سيما في سياق وطني يشهد منذ سنوات "اتساع عرض تربوي خاص يتبنى نماذج أجنبية لا تراعي الاختيارات المرجعية والثوابت الدينية والمؤسساتية والثقافية الوطنية ومرتكزات المنظومة التربوية المغربية". وتابع أن النقاش يجب أن ينكب أيضا على إشكاليات أخرى ضمنها الهوة القائمة بين المدرسة العمومية وبين مؤسسات التعليم الخاص على مستويي الموارد المرتبطة بالجوانب المادية والبشرية والفضاءات والتجهيزات، والتفاوت الحاد ، أحيانا ، في الأداء والإنجازية، وكذا مكانة التعليم الخاص في المنظومة التربوية وأدواره وضوابط مراقبته وتنظيم علاقته مع الدولة، والواقع الحالي لهذا القطاع المتسم بلا تجانسه واعتماده في حالات متعددة على الموارد البشرية للتعليم العمومي، خاصة في المستوى الثانوي الإعدادي والتأهيلي. وأبرز أن الانكباب على هذه الإشكاليات يجب أن يستحضر التزايد السنوي لنسب تغطية التمدرس في مؤسسات التعليم الخاص حيث انتقل من سنة 2000 إلى 2016 في المستوى الابتدائي من 7، 4 في المائة إلى 9، 15 في المائة، وفي المستوى الإعدادي من 4، 1 في المائة إلى 1، 9 في المائة، وفي التعليم الثانوي التأهيلي من 7، 6 في المائة إلى 9، 8 في المائة، وأن يستحضر كذلك التمركز الحالي لمؤسسات التعليم الخاص في بعض المدن الكبرى وفي بعض الأسلاك على حساب أهمية حفز الاستثمار التربوي الخاص في مختلف أرجاء المغرب منها القروية والنائية. وساق المودني أمام المشاركين في الملتقى الذي افتتح ، مساء أمس الجمعة ، تحت شعار "التعليم الخصوصي في أفق 2030″، نماذج لتجارب دولية في المجال حسب دراسات مقارنة، موردا أن هناك بلدانا يكاد ينعدم فيها التعليم الخصوصي منها روسيا ب75، 0 في المائة ورومانيا (38، 0 في المائة) وهولندا (3، 0 في المائة)، وأخرى يحقق فيها هذا النوع من التعليم تزايدا تدريجيا كماليزيا ب74، 14 في المائة وفرنسا (66، 14 في المائة) والمغرب (29، 14 في المائة)، في حين توجد بلدان يحتل فيها التعليم الخاص حضورا وازنا كالأردن (39، 34 في المائة)، وقطر (34، 60 في المائةح)، والإمارات (51، 74 في المائة). وسجل العرض أن إعطاء نفس جديد لأدوار التعليم المدرسي الخاص بوصفه مكونا للمدرسة المغربية ورافعة أساسية لمشروع إصلاحها رهين بتشجيع تعليم خاص تعاقدي مضطلع بمهام المرفق التربوي العمومي، وبلورة إطار تعاقدي لنظام جبائي ملائم ومشجع لمؤسسات التعليم الخاص، واعتماد نموذج بيداغوجي مرجعي للمدرسة المغربية بنوعيها العمومي والخاص، والاستناد إلى نموذج اقتصادي للاستثمار الخاص في التعليم المدرسي، وتطبيق برنامج عمل شامل لإعادة تأهيل المؤسسات الحالية ذات الحاجة لذلك. وخلص الأمين العام للمجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى أن الدولة والمجتمع مدعوان بمختلف مكوناتهما للسهر الجماعي على إنجاح المدرسة المغربية الجديدة المنشودة، بشكل يحقق "استعادة المجتمع المغربي المصالحة مع مدرسته واسترجاع ثقته فيها". وتطمح الرابطة التي تنظم هذا الملتقى ، على مدى ثلاثة أيام ، بشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس-مكناس، إلى جعله محطة للتعامل مع القضايا الأساسية وتعميق النقاش والتداول حول وضعية التعليم الخاص بالمغرب عن طريق تحسين شراكته مع المؤسسات العمومية، في إطار السياسة الجهوية وتفعيل التدابير ذات الأولوية. ويتضمن الملتقى الذي تحضره تونس كضيفة من خلال النقابة الوطنية لمؤسسات التعليم الخاص، برشات ولقاءات تتمحور حول عنواني "التعليم المدرسي الخصوصي من خلال الرؤية الاستراتيجية 2015- 2030″، و"رؤية القطاع في إطار الجهوية الموسعة".