بعدما حصلت حكومته على المصادقة البرلمانية هذا الأسبوع بأغلبية تبين أنها تعاني الهشاشة، رغم أنها تتجاوز مبدئيا 240 نائبا، يجد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، نفسه أمام تحديات ورهانات كبيرة وحساسة، ستكون محكا حقيقيا لمدى متانة الائتلاف السداسي الذي يتشكل منه الفريق الحكومي. أول هذه التحديات يتجلى في غضب الشارع وتحركات النقابات، فقد ورثت هذه الحكومة ميراثا اجتماعيا ثقيلا، فحراك الريف مازال مستمرا، والموظفون الغاضبون من قوانين التقاعد الجديدة مازالوا ينفذون مظاهراتهم، والنقابات التي لم تحصل على أي نتائج ترضيها، تحاول الآن أن تكسب موطئ قدم جديدا. ويقول مراقبون إن ما تواجهه حكومة العثماني ليس أسوأ مما كانت تواجهه حكومة بنكيران عام 2012. ويقول الخبير الاقتصادي محمد شيكر: «ستكون أياما صعبة بالنسبة إلى هذه الحكومة»، ويوضح قائلا: «القلاقل الاجتماعية عادة ما تبرز عندما تكون البرامج الحكومية غير فعالة، أو أن الناس لا يثقون في إمكانية تنفيذ الوعود المقدمة. وفي الواقع، فإن الحكومة الجديدة لا تقدم مؤشرات على إمكانية الثقة في قدرتها على تحقيق أو تطبيق الوعود الاجتماعية». وكما أظهر البرنامج الحكومي، فإن الإجراءات التي تعهدت الحكومة باتخاذها، لا تخرج عن نطاق الإجراءات التي كان معمولا بها في السابق، ولذلك يرى الشيكر أن «الحكومة لم تقدم تصورا اجتماعيا خاصا بهذه الظروف الجديدة، واكتفت بالبرامج التي أطلقت خلال حكومة بنكيران، لذلك، فإن التحدي يصبح أكبر». أما ثاني التحديات فيتمثل في البطالة. ويبدو أن العثماني يعي ثقل وحساسية هذا الملف، لذلك لم يتجاوز حديثه عنه في البرنامج الحكومي بضع كلمات، واكتفى بوعد بتقليص البطالة إلى معدل 8.5 في المائة بدل 9.4 التي بلغتها في الوقت الراهن. وهذا الوعد أشبه بالوعود التي ظل يرددها كل من سلفه عبد الإله بنكيران، ووزيره في التشغيل عبد السلام الصديقي، بتخفيض النسبة إلى 8 في المائة مع متم الولاية الماضية، وهو الوعد الذي لم يتحقق أبدا. والحال أن تقليص معدل البطالة إلى 8.5 في المائة يقتضي تحقيق الاقتصاد عددا من المؤشرات، خاصة ما يتعلق بمعدل النمو. وحسب المختصين، فإن معدل النمو الذي تتوقع الحكومة تحقيقه خلال الولاية الحالية، أي ما بين 4.5 و5.5 في المائة عند نهاية 2021، لن يكفي لتحقيق هدف خفض معدل البطالة، بل إن المغرب في حاجة إلى نسبة نمو لا تقل عن 6 في المائة لخلق فرص شغل كافية. وبما أن الاقتصاد المغربي يقوم أساسا على الفلاحة، التي تخضع في عمومها للتقلبات المناخية، فليس من المضمون حتى الوصول إلى معدل النمو المقترح، فبالأحرى تخفيض نسبة البطالة. التحدي الآخر الذي سيكون على رئيس الحكومة مواجهته يتمثل في موقف الرأي العام، وهنا يقول مصطفى السحيمي، أستاذ العلوم السياسية بالرباط، إن هناك عدة مؤشرات ستجعل صورة العثماني ضعيفة لدى الرأي العام، أولها أن حكومته ليس لها «رأسمال الشعبية» الذي حظيت به حكومة بنكيران التي تشكلت سنة 2012. «في الوقت الذي تشكلت فيه حكومة بنكيران في أجواء ‘‘حماسية''، بعد انتخابات 25 نونبر، يلاحظ أن حكومة العثماني تشكلت في أجواء ‘‘باردة'' تميزت بالبلوكاج الذي دام خمسة أشهر ونصفا، ما ألقى بثقله على نفسيات الناس». والسؤال المطروح هو: كيف سيتمكن رئيس الحكومة من قيادة حكومته في ظل فقدان حماس الرأي العام، وفي ظل الانقسام الذي يعانيه حزبه؟ يعتقد السحيمي أن «حلفاء العثماني في الحكومة سيرون أنه ضعيف ولا يحظى بالدعم، وسينتهزون الفرصة لتجاوزه، لتصبح الحكومة برأسين»، وهو ما سعى بنكيران إلى تفاديه.