كشفت تفاصيل جديدة عن الحوار الذي دشنته السلطات المغربية مع السجناء السلفيين، بطلب من هؤلاء المسجونين، أن المقابلة التي جمعت بين الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد عبادي، والمندوب العام للسجون محمد صالح التامك، وبين مجموعة خالد الحداد في سجن فاس (رأس الماء 1) يوم الخميس الفائت، خلصت إلى أن تغييرا كبيرا حصل في تصورات هؤلاء السجناء السلفيين المتشددين إزاء أسس النظام الديني والسياسي بالمغرب. وبحسب مصدر قريب من مجموعة الحداد فضل عدم الكشف عن هويته، فإن جلسة الحوار ركزت على مفاهيم جوهرية في التيار السلفي كالولاء والبراء، ونوقشت مفاهيم دار الحرب ودار السلم، وأرض الجهاد وأرض الدعوة، والموقف من الدولة، والمذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، والإمامة العظمى. وبحسب المصدر نفسه، فإن عبادي الذي كان يناقش مجموعة الحداد بشأن هذه المفاهيم، "فوجئ بقدر التغيير الذي طرأ على موقف هؤلاء الأفراد بخصوص مسائل العقيدة"، وأضاف: "أظهر الحداد قناعة كبيرة بمؤسسات الدولة وبإمارة المؤمنين، وبدت أفكاره التي طرحها على العبادي مشابهة لتلك التي كان يطرحها شيوخ التيار السلفي في السجون قبيل الإفراج عنهم، مثل محمد الفزازي وعبد الوهاب رفيقي (أبو حفص) وآخرين". ووفقا لهذا المصدر ، فإن الحداد لم يظهر بأي شكل في مظهر المتشدد الذي كان معروفا عليه، بل كشف عن إرادة للاعتدال، وليس هو فحسب، بل وكافة أفراد مجموعته". المندوبية العامة للسجون من جانبها، ذكرت في بلاغ أمس، أن الأمر "يتعلق باستجابة المندوبية العامة لمجموعة من الطلبات التي توصلت بها من لدن مجموعة من النزلاء المحكوم عليهم في إطار قضايا التطرف والإرهاب"، وترتبط أساسا ب"برنامج التثقيف بالنظير"، وهو برنامج حواري أطلقته المندوبية العامة للسجون وبمشاركة الرابطة المحمدية للعلماء. وكانت المندوبية العامة للسجون قد أطلقت برنامجا العام الفائت، يهم كافة السجناء دون أي تمييز بين قضاياهم، يشارك فيه متدخلون عدة من الهيئات الدينية الرسمية، بينما كانت هذه أول مرة، يجري فيها حوار محصور مع فئة السجناء الجهاديين. وقال عبد المجيد الغزالي، الناطق الرسمي باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين "إن هذا الأمر غير مسبوق، فقد كان السجناء السلفيون يراسلون الهيئات الرسمية على الدوام لكن لم يستجب لهم يوما، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها حوار مباشر مع السجناء السلفيين"، مضيفا في تصريح ل"اليوم 24" أن "العبادي وعد بالاستمرار في هذه الجلسات". ومجموعة خالد الحداد التي كانت طرفا في هذه المقابلة، كانت تعتبر من بين "أشد المجموعات معارضة للمراجعات" التي كان يباشرها سجناء سلفيون في محاولة لإقناع السلطات لإطلاق سراحهم. وقال عبد الوهاب رفيقي المعروف باسم أبو حفص، وهو أحد قادة التيار السلفي في السجون سابقا، إن خالد الحداد ومجموعته "عارضوه بشدة عندما قرر أن يكتب مراجعاته في السجن". وأكد مصدر من الرابطة المحمدية للعلماء أن "المعلومات التي كانت متوفرة بشأن هذه المجموعة كانت تشير إلى أنهم يرفضون إقرار أي مراجعة أو إجراء أي حوار مع مسؤولين يمثلون السلطات، لكنهم على ما يبدو، غيروا موقفهم بشكل تام في الوقت الحالي". الحداد ومجموعته، أوقفتهم الشركة عقب أسبوعين من وقوع اعتداءات 16 ماي في الدارالبيضاء عام 2003، وقدموا بوصفهم أفرادا في خلية إرهابية يقودها أمير فرنسي هو أنطوان ريتشارد. وشملت المحاورة أيضا تصور السجناء السلفيين لطرق إدماجهم في الحياة بعد مغادرتهم السجن، سواء من حيث الإدماج في المجتمع المدني، أو من حيث الإدماج الاجتماعي. وقدمت في الحوار مجموعة من المقترحات والصيغ التي تضمن للمعتقلين السلفيين ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية بعد الإفراج عنهم. وقدم المعتقلون المعنيون أفكارا حول الأحزاب السياسة، وفعالية الانخراط فيها بالنسبة للسجناء السلفيين. فيما عرضوا مخاوفهم من أن "يلقوا مصيرا اجتماعيا سيئا عقب خروجهم في حال لم يجدوا عملا، كما يحدث لكثير من رفاقهم السابقين". وتبعا لذلك، يقول مصدر "أخبار اليوم"، وعد عبادي مجموعة خالد الحداد بترتيب الإجراءات المناسبة وفقا للخلاصات المتوصل إليها من جلسة الحوار هذه، وهم "يأملون في أن تكون تعهدات عبادي مقدمة للحصول على عفو ملكي".