يبدو أن عمليات شد الحبل بين السلطات المغربية والسلفيين الذين هاجروا إلى سوريا للقتال بجانب التنظيمات الجهادية لن ينتهي في المستقبل القريب حيث بات مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء يستقبل عددا من «المجاهدين» العائدين أو المرحلين إلى المغرب من بلدان تربطه بها اتفاقيات تسليم المبحوث عنهم في قضايا الإرهاب، حيث كشف بلاغ صادر عن اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، أن كوميسارية المعاريف بمدينة الدارالبيضاء تسلمت نهاية يناير الماضي سلفيين وزوجتيهما جرى ترحيلهما من تركيا إلى ماليزيا ثم إلى المغرب. وأضاف ذات البلاغ، أن الوكيل العام للملك أحال السلفيين، صفوان شيكو والذي يعتقل لأول مرة، وياسين أمغان وهو معتقل سابق، سبق له أن أدين على خلفية انتمائه لخلية التوحيد والجهاد، (أحالهما) في حالة اعتقال على قاضي التحقيق بغرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، الخميس الماضي، حيث استمع إليهما ابتدائيا في انتظار استنطاقهما تفصيليا في جلسة ال6 من مارس القادم، فيما أخلي سبيل زوجتيهما واللتين تقطنان بمدينة الدارالبيضاء. وقال عبد الرحيم الغزالي، الناطق الرسمي باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، إن «زوجتي السلفيين القابعين بسجن سلا 2، كشفتا أنهما بمعية زوجيهما، وعلى إثر اندلاع القتال بين الفصائل الجهادية بسوريا، فضلوا التوجه إلى منطقة حدودية بتركيا تجنبا لسفك دماء أبناء جلدتهم، في انتظار انتهاء التطاحن ما بين كتائب دولة الإسلام في العراق والشام، غير أنهم وقعوا في قبضة شرطة تركيا، والتي اعتبرت وجودهم على ترابها غير قانوني نظرا لانتهاء مدة صلاحية «التأشيرة» التي تسلموها، حيث خيرتهم الشرطة التركية ما بين ترحيلهم للمغرب أو التوجه إلى وجهة أخرى، فاختاروا ماليزيا، لكنهم فوجئوا في المطار بالشرطة الماليزيا التي أوقفتهم ورحلتهم إلى المغرب عبر طائرة متجهة إلى مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء». وكشف الناطق الرسمي باسم المعتقلين الإسلاميين، أن «عدد السلفيين المرحلين والموقوفين من قبل السلطات المغربية، خلال الفترة الممتدة من سفر أول مجموعة للقتال بسوريا في يناير 2012 حتى الآن، يفوق 70 سلفيا، 90 في المائة منهم اعتقلوا وتوبعوا بقانون الإرهاب وأدينوا بعقوبات حبسية نافذة تتراوح ما بين سنتين و 6 سنوات». وكانت السلطات الأمنية المغربية قد فككت عددا من الخلايا في الأشهر الماضية، قالت إن أفرادها كانوا يعتزمون السفر إلى سوريا للقتال بجانب الفصائل الجهادية، بتنسيق مع أعضاء في تنظيم القاعدة في أوروبا، حيث كشفت تقارير أمنية عن دخول مئات المغاربة إلى الأراضي السورية للقتال إلى جانب الثوار، أغلبهم من مدن الشمال، حيث باتت اليوم عائلات مغربية ضمن المجاهدين، يتخوفون من العودة إلى المغرب، لأنهم يعلمون بأن السلطات المغربية تترصد لهم عند عودتهم للتحقيق معهم ومحاكمتهم طبقا لقانون الإرهاب. هذا، وسبق لأول سلفي يعتقل على خلفية الهجرة للقتال بسوريا، محمد أولاد عمر، ابن مدينة الفنيدق، والذي اعتقل في 2 غشت 2012، والقابع الآن بسجن سلا، أن وجه رسالة إلى المجلس العلمي الأعلى، يستفتيه فيها عن حكم الجهاد في سوريا، معتبرا ترويج السلطات المغربية لوقوفها مع الشعب السوري في محنته، وصمت المجلس العلمي الأعلى بخصوص فتوى الجهاد الصادرة عن علماء المسلمين بعد اجتماعهم في مؤتمر القاهرة، واستضافة مدينة مراكش للمؤتمر العالمي لأصدقاء سوريا. كل هذا جعل الشباب المغربي المسلم، كما يقول، يعتقدون أنهم مطالبون بنصرة المسلمين في سوريا، حيث سارع عدد كبير من الشباب إلى تلبية «نداء الجهاد بسوريا»، والتهييء لسفرهم بغرض الالتحاق بالثوار، ليفاجؤوا بقرار السلطات الأمنية القاضي بمنعهم من الهجرة إلى سوريا ، واعتقالهم ومحاكمتهم عند عودتهم»، بحسب تعبير رسالة المعتقل الإسلامي.