لا تزال تفاعلات قضية منحة الدعم التي قدمتها جماعة طنجة لجمعية "أحمد بوكماخ"، المشرفة على تدبير المركز الثقافي الذي يحمل نفس الاسم، تثير ردود أفعال وأصداء مضادة بين المعارضين والمدافعين عن منحة 240 مليون سنتيم، التي صادق عليها مجلس المدينة في دورة شهر فبراير الجاري. آخرها مواجهة مثيرة بين نائب عمدة المدينة وأحزاب المعارضة في لقاء عقده حزبا الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار مساء أول أمس الخميس. وبينما كالت مداخلات مستشاري حزبي البام والأحرار بمجلس المدينة، الذين حشدوا جمعيات محسوبة عليهما لتوجيه الاتهامات لحزب العدالة والتنمية، الذي يتوفر على أغلبية مطلقة بجماعة طنجة، بخصوص طريقة تدبيره لدعم هيئات المجتمع المدني، منذ توليه تدبير الشأن العام، معتبرين أنه يفتقد لرؤية موضوعية في هذا الجانب، ويغلب منطق "الحزبية والولاءات"، رد عزيز الصمدي، نائب عمدة المدينة على هذه الاتهامات، موضحا بأن المكتب الحالي قطع مع منطق "العطاء والارتجالية"، وأسس لدفتر تحملات يحدد معايير تنبني على الحكامة والشفافية والمساواة. واعتبر حزبا الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، في بلاغ مشترك، أن خصوصية الدور المنوط «بجمعية أحمد بوكماخ»، لا يمكن اعتبارها مبررا لخرق دفتر التحملات المنظم لشروط الاستفادة من الدعم العمومي، مضيفا بأن المقاربة التي اتخذتها الأغلبية في مجلس المدينة، اتسمت بالتسرع وغياب النجاعة، مما جعل المجلس أمام شبهة "تبذير المال العام". لكن عزيز الصمدي دافع في مداخلة له خلال نفس اللقاء، عن منحة الدعم لجمعية أحمد بوكماخ، بالرغم من القيمة الكبيرة للمبلغ المخصص لها، وقال "موضوع منحة بوكماخ أثيرت حوله زوبعة من طرف البعض، لا أعرف أين يكمن الخلل بشأنه، لأن المهم بالنسبة إلينا في الجماعة، هو المنطق المؤطر لدعم الجمعيات، هل يحترم معايير الشفافية والحكامة والوضوح". وتابع عضو المكتب المسير لمجلس مدينة طنجة قوله، "إذا كان المشكل في قيمة المبلغ، فإن الميزانية المخصصة للشأن الثقافي بمدينة طنجة، لا تتعدى 1 بالمائة، من إجمالي الميزانية العامة للجماعة، وبالتالي فإن التوجه الذي ينبغي أن ندفع باتجاهه، هو تعزيز الغلاف المالي المرصود للشأن الثقافي، لاستعادة المجد الثقافي لمدينة طنجة وإعادة بريقه وإشعاعه المفقود". واعتبر المتحدث أن الانتقادات الموجهة للجماعة بخصوص قيمة المبلغ، حسب قوله، "غير مبنية على معطيات دقيقة، لأن 240 مليون سنتيم تتوزع على ثلاث سنوات، أي 80 مليون في السنة، وهو بالكاد سيغطي نفقات ومصاريف المركز الثقافي أحمد بوكماخ"، أما فيما يخص تفويته لجمعية حديثة النشأة، لم تتوصل بعد بالوصل القانوني النهائي، فأوضح الصمدي "أن الإجراء يبقى صيغة مؤقتة لتدبير المرفق المذكور، في أفق إحداث شركة للتنمية المحلية تسهر على تسييره". من جانبه، آخذ عبد المنعم الرفاعي، محام بهيئة طنجة، ومسؤول فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على الأغلبية المسيرة لمجلس جماعة طنجة، ممثلة في حزب العدالة والتنمية، دفاعها عن منح جمعية أحمد بوكماخ مبلغا باهظا، على حد قوله، بالرغم من أنها لا تتوفر فيها الشروط القانونية للحصول على الدعم المالي، لكونها حاصلة على الوصل المؤقت ولم تكتسب بعد الصفة القانونية لتأسيسها. وأضاف الرفاعي الذي أعلن أن جمعيته ستقدم شكاية للقضاء، من أجل عدم تنفيذ المقرر الجماعي، "أن الجمعية المعنية لم يمر على تأسيسها 60 يوما، والتي ينص عليها القانون المنظم لتأسيس الجمعيات، كما أنها لا تتوفر على المنفعة العامة، حتى يتم توقيع اتفاق شراكة بينها وبين جماعة طنجة، كما هو منصوص عليه في المادة 149 من قانون الجماعات الترابية". زيادة على كل ذلك، انتقد المتحدث انتفاء مبدأ التشاركية في تنفيذ المقررات الصادرة عن مجلس جماعة طنجة، بخصوص تدبير المرافق العمومية، لكون هذا المبدأ شرطا أساسيا في تسيير الجماعات والهيئات المنظمة بالقانون، مشيرا إلى أن الجماعة كان ينبغي عليها إشراك نسيج المجتمع المدني المهتم بالشأن الثقافي، في تدبير مركز أحمد بوكماخ، وفتح طلبات عروض من أجل انتقاء المشروع الذي تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات. وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من الجدل المثار حول هذه القضية، يبدو مجلس المدينة مصرا على تنفيذ المقرر، الذي تمت إحالته على ولاية طنجة قصد المصادقة عليه، حيث أكد البشير العبدلاوي، في تصريح سابق، أن جمعية أحمد بوكماخ، أسهمت الجماعة في تأسيسها لتدبير المركز الثقافي الحديث النشأة، وذلك في إطار اتفاقية شراكة واضحة الأهداف، سيتم بموجبها توزيع 240 مليون سنتيم على اقتطاعات خلال ثلاث سنوات، 60 مليون خلال السنة الجارية، و80 مليون في السنة المقبلة، و100 مليون عام 2019.