بعد يوم واحد من البلاغ الرسمي الصادر عن وزارة الفلاحة والصيد البحري، والذي لوّح فيه المغرب بلعب أوراق كثيرة في مواجهة الاتحاد الأوروبي؛ قدّم هذا الأخير ضماناته لحماية الاتفاق الفلاحي والشراكة القائمة بينه وبين المغرب. فبعد المناورات الأخيرة التي قام بها خصوم المغرب وحلفاؤهم داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، لتأويل قرار محكمة العدل الأوروبي حول الاتفاق الفلاحي بشكل يجعل المنتجات الآتية من الصحراء "محظورة" داخل السوق الأوروبية، وقّعت "وزير خارجية" الاتحاد الأوروبي، نائبة رئيس المفوضية، فيدريكا موغريني، تصريحا مشتركا مع الوزير المغربي المنتدب في الخارجية، ناصر بوريطة. هذا الأخير انتقل، أول أمس، إلى العاصمة الأوروبية بروكسيل، حيث عقد اجتماعات مع المسؤولين الأوروبيين، انتهت بالتوقيع على تصريح مشترك يقول بتشبث الطرفين بالشراكة القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وحرصهما معا على حمايتها والدفاع عنها. المباحثات التي شارك فيها جزئيا رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود بونكر، قال إن "هذه الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب هي ثمرة بناء طويل الأمد دام لما يقرب عن نصف قرن، شراكة نموذجية، غنية ومتعددة الأبعاد". ولتفعيل مضامين هذه التصريحات، اتفق الطرفان على عقد اجتماع بين فرق تقنية لتحديد المسطرة التي سيتم اعتمادها لحماية هذه الشراكة. تحرّك جاء بعد انتقال خصوم المغرب، أي جبهة البوليساريو والجزائر بمعية حلفائهما داخل المؤسسات الأوروبية، لملاحقة المنتجات المصدّرة انطلاقا من الأقاليم الجنوبية للمغرب، ومنع دخولها إلى الأسواق الأوروبية، استناد إلى تأويل لقرار المحكمة الأوروبية. هذه الأخيرة التي قررت شهر دجنبر الماضي تفعيل الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، استندت في قرارها إلى كون ذكر الصحراء لم يرد في نص الاتفاق، وبالتالي لا صفة لجبهة البوليساريو للطعن فيه، ولا مجال لإلغائه كليا أو جزئيا. تعليل سارع خصوم المغرب إلى اعتباره إقرارا بفصل الأقاليم الجنوبية للمغرب عن باقي تراب المملكة، من حيث مصدر المنتجات المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي. القطرة التي أفاضت الكأس بعد حوادث متتالية لاعتراض منتجات مغربية في الموانئ الأوروبية، كانت التصريح الذي أصدره المفوض الأوروبي في شؤون المناخ والطاقة، في جواب كتابي موجه إلى برلمانيين أوروبيين. المسؤول الإسباني قال إن الاتحاد الاوربي سيأخذ بعين الاعتبار قرار محكمة العدل الأوروبية، بشكل يوحي بكون الصحراء تتميز بوضع قانوني خاص مقارنة بباقي التراب المغربي. التصريح المشترك بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الصادر أول أمس، نص على "اتخاذ الإجراءات المناسبة عند الضرورة، من أجل تحصين تفعيل اتفاق التبادل الحر للمنتجات الفلاحية التي يتم تحويلها ومنتجات الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الجاري به العمل، والحفاظ على مكتسبات هذه الشراكة في هذا المجال".