المغرب يختار التصعيد مع الاتحاد الأوربي، وعزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، يخرج بنفسه، عبر وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، ليوجه رسائل تهديدية في مختلف الاتجاهات لمن يهمهم الأمر من الشركاء الأوروبيين. تصريحات أحدثت استنفارا في إسبانيا خوفا من إغراقها بالمهاجرين الشرعيين بعد تمكن نحو 20 مهاجرا إفريقيا من أصل 100، أمس الاثنين، بالتزامن مع بلاغ وزارة الفلاحة، الذي يهدد بالقطيعة مع الاتحاد الأوربي من دخول مدينة مليلية المحتلة. أخنوش كان واضحا في حواره مع "إيفي" باستعمال مصطلحات غير معهودة لدى كبار المسؤولين المغاربة، مؤكدا على أن المغرب لن يستمر في لعب دور الدركي الحامي للحدود الأوربية، إذا لم يحترم الاتحاد الأوربي السيادة المغربية، والاتفاقات الموقعة بين البلدين. وخاطب اخنوش الأوربيين بلهجة قوية: "كيف تريدون أنتم الأوروبيون أن نقوم بصد الهجرة السرية الإفريقية، وحتى المغربية، إذا كانت أوربا لا تريد الاشتغال معنا الآن"؛ وتساءل محذرا: "لماذا سنستمر في لعب دور الدركي، وخلق فرص عمل للأفارقة المقيمين في المغرب؟"، قبل أن يجيب بشكل حاسم: "مشكل الهجرة مكلف بالنسبة إلى المغرب، وأوربا يتوجب عليها تقييم ذلك كما يجب". أخنوش تأسف، كذلك، على التناقضات الحاصلة بين مختلف الهيآت، التابعة للاتحاد الأوربي، إذ يرى أنه في الوقت الذي يجب فيه بعث إشارات سياسية إيجابية للمغرب، والاعتراف بالدور، الذي يؤديه، والمجهودات الكبيرة، التي يقوم بها في حماية الحدود الأوربية، يتم الرد على ذلك بالتضييق على المصدرين المغاربة، ما يحدث نوعا من عدم الثقة لدى شركائهم الأوربيين. واشتكى أخنوش من أنه "تم اعتراض حركة بعض القوارب المغربية في بعض الموانئ الأوربية"، بسبب كيد ودسائس "خصومنا وأعدائنا"، في إشارة منه إلى البوليساريو، والجزائر، وأضاف أن اعتراض تلك القوارب تسبب في "أضرار" للمصدرين المغاربة. حديث أخنوش عن القوارب المغربية أوضح أن الرباط غير راضية عن سماح الاتحاد الأوربي، والسلطات الإسبانية باعتراض وتفتيش، لمدة ساعة من الزمن، السفينة "Key Bay" من قبل الحرس المدني الإسباني بعد أن توقفت بميناء لاس بالماس في جزر الكناري، للتزود بالوقود. السفينة خرجت من ميناء العيون محملة بزيوت السمك، لكن ضغط بعض الأطراف اليسارية التابعة للبوليساريو، دفعت الإسبان للرضوخ لضغوطهم وتفتيشها تحت ذريعة أنها قادمة من منطقة، قال عنها قرار محكمة العدل الأوربية، أخيرا، إنها لا تنتمي جغرافيا إلى المملكة المغربية. وعلى الرغم من حديث بعضٍ عن أن قرار محكمة العدل الأوربية الأخيرة كان انتصارا للمغرب ضد البوليساريو، إلا أن أخنوش أشار إلى أن حكم المحكمة بخصوص الاتفاق التجاري بين المغرب، والاتحاد الأوربي لا يشمل الصحراء، الأمر الذي سيخلق متاعب في المقبل من الأيام للمملكة، داعيا الأوربيين إلى احترام مضامين الاتفاق، الذي وقع عليه الطرفان في البداية. وفي هذا الصدد، أكد أخنوش: "لا نريد قضاء ما تبقى من ولايتنا بين محاكم مختلف مدن الاتحاد الأوربي، حيث يتم صدنا هنا وهناك، نحن نريد أن نعمل، ولا نريد أن يعيش مزارعونا في عدم اليقين، دون أن يعرفوا ماذا سيحدث لهم في الغد عندما ستصل منتجاتهم الزراعية أو السمكية إلى حدود الاتحاد الأوربي". وأعزى، أيضا، الأزمة الحالية بين الرباط وبروكسيل إلى "التناقضات بين المفوضية والمجلس ومحاكم العدل الأوربية، والنواب الأوربيين بخصوص المغرب"، قبل أن يعود إلى تحذيرهم: "لكن ذاك (أي التناقضات) ليس مشكلنا، ليحلوه فيما بينهم". أكثر من ذلك، أوضح أنه "لن يقبل أن يقوم كل واحد بتأويل الاتفاق بطريقته (…)"، موضحا أن "هناك موقفا في الاتحاد الأوربي يربكنا". كلام أخنوش يزكيه الوزير المنتدب في وزارة الخارجية، نصار بوريطة، الذي أكد بعد إعلان قرار محكمة العدل الأوربية، في دجنبر الماضي: "مستقبل الصحراء لا يمكن أن يقرره قاض". وعلى غرار ورقة الهجرة، أكد أخنوش أنه في حالة لم يتجاوز الأوربيون تناقضاتهم، ولم يحترموا الاتفاق، فإن المغرب سيقوم بالبحث عن شركاء جدد، وفي هذا يقول: "إذا لم نتلق أي رد واضح حول هذه الشكوك، من العادي أن ندير ظهورنا (للأوروبيين)، وننظر إلى الجانب الآخر"، في إشارة إلى تعويض السوق الأوربية بالروسية، والصينية، والخليجية، وحتى الإفريقية، كما جاء في بلاغ وزارة الفلاحة. وفي الأخير، أكد أخنوش أن الأزمة الحالية بين الرباط، وبروكسيل لن تجد طريقها إلى الحل، إلا من خلال إرسال الاتحاد الأوربي إشارة سياسية إلى المغرب، يوضح فيها إذا كان يريد أن يكون شريكا قويا، وذا مصداقية ليعمل معه.