بعد الجدل، الذي أثير حول فتوى المجلس العلمي الأعلى في المغرب بخصوص قتل المرتد، عاد "مجلس يسف" ليتراجع عن فتواه في وثيقة أصدرها، أخيرا، تحت عنوان "سبيل العلماء". المجلس العلمي الأعلى أعطى مفهوما سياسيا للردة من خلال ربطها ب"الخيانة العظمى". وجاء في الوثيقة، بحسب ما أورد موقع "إسلام مغربي": "لقد أثيرت في الإسلام قديما، ولا تزال تثار قضية الردة، والمرتد، ويبقى الفهم الأصح، والأسلم لها المنسجمُ مع روح التشريع، ونصوصه، ومع السيرة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم، أن المقصود بقتل المرتد هو الخائن للجماعة، المفشي لأسرارها، والمستقوي عليها بخصومها؛ أي ما يعادل الخيانة العظمى في القوانين الدولية، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"، المقيد بقوله صلى الله عليه وسلم: "التارك لدينه المفارق للجماعة". واعتبرت الوثيقة أن "ترك جماعة المسلمين لم يكن حينها إلا التحاقا بجماعة المشركين خصومهم، وأعدائهم في سياق الحروب الدائرة بينهم. فالردة هنا سياسية، وليست فكرية"، تؤكد الوثيقة. وأوضحت الوثيقة ذاتها أن القرآن الكريم تحدث عن الردة الفكرية في آيات عديدة، ولم يرتب عليها عقوبة دنيوية، وإنما جزاء أخروي، كما في قوله تعالى: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولائك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون". واستند المجلس العلمي، الذي يترأسه محمد يسف في تراجعه عن قتل المرتد بقوله بمعاهدة صلح الحديبية، التي كان من بنودها أن من أسلم ثم ارتد إلى قريش لا يطالب به المسلمون، وأن من التحق بالمسلمين من المشركين استردوه. وحسب المرجع نفسه، فان الرجل الأعرابي، الذي أسلم ثم طلب إقالته من شهادته، لم يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم معَهُ شيئاً، فخرج من المدينة، ولم يلحقه أذى، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم "المدينة كالكير تنفي خبثها وينصعُ طيبها". وتعتبر الوثيقة الجديدة للمجلس العلمي الأعلى أن "قتال أبي بكر رضي الله عنه للمرتدين لم يكن إلا بالمعنى السياسي العام، ضد طائفة شقت عصا الطاعة على الإمام، وأرادت أن تفرق وحدة الجماعة، وتفسد فهم الدين بتعطيل أحد أركانه، ومعلوم أن الدين كان، ولا يزال عمود الاستقرار الأساس في المجتمع.،وما كثير من الفتن، والحروب الدائرة اليوم إلا بسبب فساد تأويله، وسوء استغلاله، وتوظيفه"، بحسب المصدر ذاته.