تسائل عبد الحي المودن، الأستاذ الجامعي عن«هل الأحزاب السياسية تقليدية أم حداثية؟». و «هل الدولة حداثية أم تقليدية»، وهل الدولة التقليدية هي بديل الأحزاب التي اعتبرت نفسها حداثية. وخلص المودن، إلى أن «الدولة ليست تقليدية مطلقا والأحزاب ليست حداثية مطلقا». يرى المودن أنه بعد صراع طويل بين الدولة أو المخزن والبنيات الانقسامية التي كانت تعكس انقسام المجتمع، اتجهت ممارسة الدولة لتوظيف الانقسامات القبلية حتى تحافظ على التوازن. حسب أطروحة جون واتربوري، فإن «الأحزاب جزء من هذه الثقافة الانقسامية (أي أن الأحزاب سجينة لهذه البنيات التقليدية)؛ أي أن النظام يحكم في وضعية الأحزاب، واستغل هذه الانشقاقات بغرض الحفاظ على التوازن من أجل استمرار القصر والملك في اللعبة السياسية. وهناك أطروحة أخرى، حسب المودن، ترى أن الأحزاب ليست من نتاج القبيلة، بل مرتبطة بالثقافة التقليدية. وحسب المودن، فإن المقاربة الثنائية لربط الحداثة باليسار والمخزن بالتقليدانية، ظهرت فيها مشاكل لم تستطع أن تفسرها. أولها، أن «الدولة التقليدية لم تسقط وأعادت إنتاج نفسها بالرغم من أزماتها». وهنا، يطرح السؤال: «كيف تمكن المخزن من الاستمرار رغم تقليديته، وبالرغم من استمرار التحولات الحداثية، مثل: التمدن، والتعليم، وظهور الطبقة الوسطى. إذن، كيف ترسخ المخزن وتراجعت الأحزاب؟. هذا السؤال، يقول المودن: «لا زال يواجه الفكر الحداثي». ثاني الإشكالات، هي ماهي الأسباب التي أدت إلى ضعف الأحزاب الحداثية واستمرار انشقاقاتها؟ وكيف تفسر هذه الانشقاقات؟ وهل بسبب الخلافات الإيديولوجية؟. وخلص المودن إلى أن «الدولة تقليدية نسبيا وحداثية نسبيا، ونفس الشيء بالنسبة للأحزاب». ويرى أنه في السياقات التاريخية تبرز جوانب الحداثة والتقليد. خلال أحداث الربيع العربي-مثلا- ظهرت الحالة الدينية، وتساءل هل التيارات الدينية حداثية أم دينية؟ وأشار إلى كتاب محمد الطوزي، حول الحالة الدينية إلى أنه عكس ما ظل التفكير سائدا من أن هناك احتكار للحداثة، وأن باقي الأحزاب الإسلامية ليست حداثية، فإن هذه التيارات تحمل شيئا من الحداثة وشيئا من التقليدانية. واعتبر المودن، أن السؤال ليس هو من يحتكر الحداثة، ولكن السؤال ماذا نفعل عندما نختلف؟ وكيف ندبر هذا الاختلاف؟ لأن هذا أمر «حداثي جدي». وحسب المودن، إن كان هناك اعتقاد أنه عندما تنتهي الدولة يمكن للمجتمع أن يحل خلافاته، لكن تبين بعد الربيع العربي أن المجتمع لم يكن مؤهلا بالشكل الكافي ليدبر اختلافاته، مثل: حالة سوريا ، مصر. وقال: «في مصر تدخلت قوة خارج التعبير المجتمعي، غير منتخبة، لتعتبر أن صناديق الاقتراع غير مؤهلة لحل الخلاف بين الأحزاب». وفي حالة المغرب قال: «ممكن أن تتدخل سلطة أخرى في المغرب مثل الملكية لتحسم الصراعات، هذا هو إشكال حل الصراعات».