يبدو أن الأرقام التي أصدرها صندوق النقد الدولي مؤخرا حول الاقتصاد المغربي ستنزل بردا وسلاما على حكومة بن كيران، وتنهي حرب الأرقام بين كل من وزارة الاقتصاد والمالية وصندوق النقد الدولي. حيث أعلن الصندوق بأن المجلس التنفيذي استكمل المراجعة الثالثة بمقتضى الاتفاق المعقود مع المغرب من أجل الاستفادة من "خط الوقاية والسيولة" لمعرفة هل سيتمر الصندوق في تقديم القرض الائتماني للمغرب(بقيمة 6 ملايير دولار)، وقد أدت هذه المراجعة إلى اعتراف الصندوق بأن الأداء الاقتصادي للمغرب قد عرف تحسنا خلال السنة الماضية، على الرغم من استمرار البيئة الخارجية غير المواتية و"الأوضاع الداخلية التي تكتنفها التحديات" حسب البيان الذي أصدره الصندوق. البيان أثنى على قرار الحكومة في اعتماد نظام المقايسة وفي رفع الدعم عن بعض المحروقات معتبرا بأن هذه الخطوة أدت إلى " تقوية حسابات المالية العامة والحد من تقلبات موقف المالية العامة الأساسي" معتبرة بأن قانون المالية لسنة 2014 ينضوي على "أحسن الممارسات المتعلقة بانضباط المالية العامة ونطاق تغطيتها". لكن على الرغم من أن المغرب يعتبر تلميذا نجيبا لصندوق النقد الدولي فإن هذا الأخير يرى بأنه يتعين على المغرب إجراء مزيد من الإصلاحات لتعزيز مناخ الأعمال وزيادة الشفافية والنهوض بالنظام القضائي إلى جانب تحسين أداء سوق العمل لجذب الاستثمار الأجنبي ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة. كما قال الصندوق بأن تخفيض دعم المواد الطاقية يجب أن يقابله الزيادة في المساعدات لشرائح السكان الأشد احتياجا، لكن في نفس الوقت أكد بأنه لا مناص من قيام الحكومة المغربية بإصلاحات "هيكلية والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات التي تهدف إلى تقوية الاقتصاد الوطني وتشجع على تحقيق نمو أعلى". أما بلغة الأرقام فقد جاءت أرقام صندوق النقد الدولي مطابقة لتلك التي أدلى بها وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، حيث توقع الصندوق بأن يكون إجمالي الناتج المحلي قد سجل معدل نمو قرابة 4,5 في المائة في العام الماضي، مستفيدا من الموسم الزراعي الاستثنائي الذي شهدته البلاد كما توقع الصندوق بأن نسبة النمو ستصل إلى حوالي 4 في المائة خلال هذه السنة مع بقاء نسبة التضخم تحت السيطرة. رقم آخر كان مثار خلاف بين المندوبية السامية للتخطيط ووزارة الاقتصاد والمالية وهو نسبة العجز، وهو الآخر جاء مطابقا لأرقام وزارة الاقتصاد والمالية حيث أظهرت أرقام صندوق النقد الدولي بأن نسبة العجز من إجمالي الناتج المحلي بلغت 5,4 في المائة خلال سنة 2013، ليكون الصندوق بذلك قد حسم الجدل القائم حول أرقام الأداء الاقتصادي بالمغرب والتي جاءت مؤيدة لتوقعات وزارة الاقتصاد والمالية.