أعلن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، ليلة الأحد /الاثنين، استقالته خلال خطاب مباشر على التلفزيون، موضحا أنه سيسلمها اليوم الإثنين إلى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، وذلك إثر إقراره بهزيمته في الاستفتاء حول الإصلاح الدستوري. ورفضت غالبية ساحقة من الإيطليين، الأحد الإصلاح الدستوري الذي اقترحه رينزي، وفق ما أظهر استطلاع لدى خروج الناخبين من مراكز الاقتراع. وقد حصلت "لا" على ما بين 54 و58 في المائة من نسبة الأصوات، فيما حصلت "نعم" على ما بين 42 إلى 46 في المائة. وقال رينزي بعد هزيمته، في تصريحات صحفية، نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، إن مهمته كرئيس للوزراء "تنتهي هنا"، مشيرا إلى أنه سيقدم استقالته الإثنين إثر جلسة لمجلس الوزراء. وكان الناخبون الايطاليون ادلوا باصواتهم الاحد في استفتاء حول اصلاح دستوري تحول مع صعود الشعبويين الى تصويت لصالح رينزي (يسار وسط) او ضده. وقبل صدور النتائج، أثار الغموض في ايطاليا قلقا في اوروبا وفي اسواق المال التي تخشى بعد صدمة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي وصعود الحركات الشعبوية، مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في ثالث اقتصاد في منطقة اليورو. وأغلقت مراكز الاقتراع ابوابها في الساعة 23,00 (22,00 ت غ) امام اكثر من 46 مليون ناخب، بينما انتهى الاقتراع لنحو اربعة ملايين ايطالي في الخارج صوتوا بالمراسلة مساء الخميس. واعلنت وزارة الداخلية ان نسبة المشاركة بلغت 57,22 في المئة حتى الساعة 20,00 (19,00 ت غ). وبعد حملة تخللتها هجمات شرسة بين مؤيدي الاصلاح ومعارضيه، اندلع جدل جديد يوم الاقتراع يتصل بالاقلام التي دعي الناخبون الى استخدامها. وكانت وزارة الداخلية وزعت للاستفتاء اقلاما لا يمكن محو حبرها، لكن ناخبين اكدوا العكس. وسارع قادة حركة "خمسة نجوم" الشعبوية وحزب رابطة الشمال اليميني المتطرف الى التنديد بما اعتبروه "تجاوزات". وكان التصويت يتعلق باصلاح دستوري يقضي بتقليص صلاحيات مجلس الشيوخ بشكل كبير والحد من صلاحيات المناطق والغاء الاقاليم. ويدعو جزء كبير من الطبقة السياسية، من اليمين الى الشعبويين مرورا بكل التيارات المتطرفة وحتى "متمردين" من الحزب الديموقراطي الذي ينتمي اليه رينزي، الى رفض هذه الاصلاحات التي يرون انها تؤدي الى تركيز مفرط للسلطات بيد رئيس الحكومة. هذه المعارضة توحدها ايضا الرغبة في طرد رينزي الذي وصل الى السلطة في شباط/فبراير 2014 ويهيمن على وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاعلامي في تصريحاته للدفاع عن اصلاحاته التي تهدف الى تبسيط الحياة السياسية في بلد شهد تشكيل ستين حكومة منذ 1948. "اهانة للذكاء" قالت ايلينا بيكولو (21 عاما) الطالبة في نابولي ان "رينزي اخطأ منذ البداية بشخصنته هذا التصويت عندما قال انه سيستقيل في حال فوز معارضي الاصلاحات". واضافت انه "يركز بذلك كل الاستياء في البلاد بما في ذلك استياء الشبان، على شخصه". واشارت استطلاعات سابقة الى فوز "لا" بفارق يراوح بين خمس وثماني نقاط. لكن عدد المترددين كان كبيرا. وقالت كلوديا (34 عاما) بعد اقتراعها في روما "هذا الاصلاح اهانة لذكاء الايطاليين، من الواضح ان هدفه اعادة تركيز السلطة في يد رئيس الوزراء، في يد حزب واحد". وقال ماتيو روسي (25 عاما) "ترددت كثيرا لكنني صوتت بنعم (…) الحقيقة انني لم افهم كل شيء. لست معجبا برينزي في شكل خاص، انه يتكلم كثيرا وخصوصا عن نفسه". ودعا الرئيس الاميركي باراك اوباما والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر، علنا الايطاليين الى تأييد الاصلاحات. وبعد ان رفض الايطاليون الاصلاحات، سيدعو حزب خمسة نجوم على الارجح الى انتخابات مبكرة. لكن يتوقع الا يحل الرئيس سيرجيو ماتاريلا البرلمان قبل تعديل القانون المتعلق بانتخاب النواب. ورغم اعلان رينزي انه سيقدم استقالته، يمكنه البقاء على رأس الحزب الديموقراطي والعودة حتى الى رئاسة الحكومة.