فتحت فرقة جرائم الأموال، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن مراكش، تحقيقا في شأن تفويت عقارين جماعيين تابعين للجماعة الحضرية، تبلغ مساحتهما 954 مترا مربعا، يقعان بزنقة حافظ إبراهيم في الحي الشتوي الرّاقي بالمدينة الحمراء، لفائدة شخصين، أحدهما أجنبي، كانا يستغلانهما، منذ مدة طويلة، كحديقتين خلفيتين لفيلتين في ملكيتهما، قبل أن يتقدما، مؤخرا، بطلبين لحيّازة العقارين. التحقيق الأمني استهلته الفرقة بالاستماع، أمس الجمعة، إلى رئيس المجلس الوطني للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، عبد الإله طاطوش، والذي سبق له أن تقدم بشكاية إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية المدينة، طالب فيها بإعطاء التعليمات للضابطة القضائية المختصة من أجل إجراء أبحاثها والقيام بتحرياتها في شأن ظروف وملابسات عملية التفويت. وقد سبق للمجلس الجماعي أن اطلع على السعر المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقويم، بتاريخ 11 فبراير من السنة الفارطة، والبالغ 5000 درهم للمتر المربع، وعلى مداولات اجتماع لجنة المالية، قبل أن يصادق بأغلبية أعضائه الحاضرين، خلال دورة ماي المنصرم، على قرار التفويت، مع التحفظ على سعر العقار المزمع تفويته للمستثمر الأجنبي، والبالغ مساحته 494 مترا مربعا، والذي يعتزم تشييد عمارة من عدة طوابق على أنقاض فيلته، حيث رفع المقرّر الثمن إلى 13000 درهم للمتر المربع، مع توصية باعتماد السومة نفسها للعقار الأول، البالغ مساحته 460 مترا مربعا، في حالة تقدم المستفيد، وهو موظف جماعي، بطلب إلى لجنة الاستثناءات لتحويل الفيلا إلى عمارة. غير أن المقرر أثار جدلا حادا، فقد أصدرت تنسيقية المعارضة بالمجلس الجماعي، التي يتزعمها مستشارون كانوا ينتمون لحزب العدالة والتنمية، قبل طردهم منه، (أصدرت) بلاغا نددت فيه بما اعتبرته استنزافا لعقارات جماعة بتفويتها إلى أشخاص "محظوظين" ظلوا يستغلونها، بدون سند قانوني، لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، مستنكرين المصادقة على مبالغ هزيلة مقترحة لبيع العقارات المتواجدة بأحد أرقى أحياء المدينة، الذي يقولون بأن السعر الحقيقي للمتر المربع فيه يتجاوز 4 مليون سنتيم، في الوقت الذي يتزامن فيه التصويت على المقرّر مع محاكمة منتخبين أمام غرفة جرائم الأموال بتهم تتعلق بتفويت عقارات جماعية بأثمنة بخسة دون قيمتها الحقيقية، خالصين إلى أن هذا التفويت، الذي يأتي شهورا قليلة بعد الانتخابات الجماعية، يطرح أكثر من علامة استفهام، ويشكل "تبديدا للوعاء العقار الجماعي"، فضلا عن كونه يعد انقلابا على شعار "محاربة الفساد"، الذي رفعه "البيجيدي" خلال الاستحقاقات الانتخابية. في المقابل، اعتبر البرلماني يونس بنسليمان، رئيس مجلس مقاطعة "المدينة"، والنائب الأول للعمدة المكلف بتتبع الأشغال البلدية والمشاريع التنموية الكبرى، والذي ترأس الدورة التي تمّت فيها المصادقة على المقرّر، بأن التفويت سيضخ في مالية الجماعة أكثر من 870 مليون سنتيم، موضحا، في تصريح سابق أدلى به ل"اليوم24″، بأن العملية، التي قال بأنها تمت بشكل شفاف وفي احترام للقانون، تأتي في سياق ما سمّاه ب"تطهير العقارات الجماعية من جميع الشوائب القانونية"، مضيفا بأن العقارين يصعب استغلالهما عمليا من طرف البلدية بسبب وقوعهما في حديقتي الفيلتين، ومضيفا بأن المجلس كان أمام تحد حقيقي، إما أن يمارس صلاحياته التي منحها له المشرع، أو أن يدفن رأسه في الرمال، كما فعل المجلس السابق، ويتهرب من البت في طلبات "تسوية الوضعية" التي يتوصل بها، بذريعة أن القضاء أدان مسيرين جماعيين سابقين بتهمة تفويت أملاك عامة، وخلص إلى أن المجلس ماضٍ في تسوية وضعية مجموعة من العقارات الجماعية، معطيا المثال على ذلك بالحي الصناعي القديم.