يبدو أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لم يقتنع بما توصلت إليه التحقيقات الأولية، في قضية «الشكولاتة»، خصوصا عندما برأت الوزير عبد العظيم الكروج بعد اختفاء الفاتورة من أرشيف الوزارة على الرغم من محاولات الوزير عبد العظيم الكروج الحثيثة لطي فضيحة «فاتورة الشكولاتة» التي كادت تعصف به من الحكومة، إلا أن هذا الملف/ الفضيحة لم يطو بعد، خصوصا في ظل استمرار غضب رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران الذي لا يزال متشبثا بتقديم حزب الحركة الشعبية، الذي ينتمي إليه الكروج لتوضيحات في الموضوع. واستنادا إلى بعض المصادر، فإن رئيس الحكومة «لم يقتنع بما توصلت إليه التحقيقات الأولية، والتي أشارت إلى اختفاء الفاتورة من أرشيف الوزارةّ، وبالتالي، اعتبار أن الوزير بريء مما تم تداوله». وفي ظل عدم اتضاح الرؤية، تحاشى المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، الذي انعقد نهاية الأسبوع الماضي بمقر الحزب بالرباط الخوض في قضية «فاتورة الشكولاتة» التي تفجّرت قبل أسبوعين، ووضعت الحزب في موقف محرج تجاه الرأي العام من جهة، وتجاه رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران، الذي طلب تفسيرات في الموضوع من قبل الأمين العام لحزب الحركة الشعبية امحند العنصر من جهة أخرى. واستنادا إلى بعض المصادر، فإن «الحزب اختار أن يطوي هذه الصفحة، على الرغم من أن براءة الوزير الكروج لم تظهر بعد، إذ تم اعتبار نتائج التحقيق الذي باشرته وزارة الوظيفة العمومية كافيا لتوقيع نهاية هذه القصة، على الرغم من أن التحقيق لم ينطلق أساسا، وبنى خلاصاته على غياب الفاتورة موضع الجدل، والتي اختفت من دهاليز الوزارة، ليتم الإقرار بأن ذمة الكروج بريئة وأنه لم يشتر الشكولاتة المذكورة باسم الوزارة». المعلومات المتوفرة، والتي حصلت عليها « اليوم24»، «تؤكد أن الوزير الكروج رزق فعلا بمولوده البكر خلال الأسبوع نفسه، الذي تم فيه شراء كمية الشكولاتة من محل فاخر بالعاصمة الرباط. وتشير الفاتورة المسربة بتاريخ 10 أكتوبر، وهو التاريخ الذي تم فيه اقتناء المشتريات، فيما «ذكرت مصادر مطلعة أن الوزير الكروج رزق بمولوده يومان إلى ثلاثة أيام قبل ذلك، أي في الأسبوع نفسه». وقالت مصادر « اليوم24» إن «موظفا في الوزارة تولى عملية تمرير الطلب الذي وصل إلى بيت الوزير». وبقيت الأمور عادية إلا أن نزل خبر التعديل الحكومي، حيث سارع الوزير يوم 10 أكتوبر الماضي إلى أداء فاتورة الحلويات التي تم اقتناؤها من محل الحلويات الفاخر والمعروف بالرباط، وذلك بمجرد علمه بمغادرة وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، وتعيينه في اليوم نفسه وزيرا منتدبا لدى وزير التربية الوطنية، حيث تم أداء قيمة الفاتورة بمبلغ 33735 درهما من ميزانية الوزارة ساعات قليلة قبل تبادل تسليم السلط بينه وبين محمد مبدع الذي خلفه. وبمقتضى الوثيقة المسربة، فقد اقتنى الكروج ثلاثة كيلوغرامات ونصف من الشوكولاتة بقيمة 4 آلاف درهم، وكمية من حلويات العقيقة بقيمة 27 ألف درهم، بالإضافة إلى كأس فضية بقيمة 2575 درهما. ومباشرة بعد تفجر القضية، ربط الوزير الكروج اتصالات بزميله في الحزب الوزير الحالي محمد مبدع، هذا الأخير تبرأ من تسريب الوثيقة مؤكدا أن لا علم له بالموضوع، ووعد زميله بالبحث. وتشير مصادر « اليوم24» إلى أن «مبدع أحس بحرج كبير، لكنه في الوقت نفسه صار مطالبا بتقديم توضيحات، خصوصا بعد دخول رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران على الخط». يومان بعد ذلك، كلف محمد مبدع مسؤولين بالوزارة بالبحث في موضوع الفاتورة، لكن المفاجأة كانت كبيرة، فالوثيقة الوحيدة التي يمكن أن يستند إليها المحققون، اختفت كليا من أرشيف الوزارة. إلى ذلك، قال محمد مبدع، وزير الوظيفة العمومية تعليقا على تفاعلات فضيحة «فاتورة الشكولاتة» «أنا لست مسؤولا على هذا الملف ولا على تدبيره»، مضيفا في اتصال مع «أخبار اليوم»، «لا يحق لي التحقيق في ملفات وزير سابق، وشخصيا لست معنيا بهذا الأمر»، قبل أن يردف «الكروج وزير في هذه الحكومة وقادر على أن يدافع عن نفسه». وطوال هذه المدة بقي الوزير الكروج صامتا، ولم يصدر عنه أي رد فعل إلا نهاية الأسبوع الماضي، حيث أصدر بيانا يحمل العديد من المتناقضات بين تصريحاته وتصريحات زعيم حزبه نفسه. ففي الوقت الذي نفى فيه الكروج في بيانه المقتضب «شراءه لكمية الشكولاتة، وأيضا نفيه لفتح تحقيق في القضية حيث قال «لم يطلب فتح أي تحقيق لأي جهة كانت»، قال امحند العنصر الأمين العام للحركة الشعبية في تصريح ل»اليوم24» إن «بنكيران اتصل به شخصيا وطلب منه توضيحات في الموضوع، وهو ما جعله يطالب بفتح تحقيق في الموضوع». وكان الوزير مبدع نفسه صرح بأن وزارته ستفتح تحقيقا في الموضوع، وهو ما يعد تناقضا صارخا بين تصريحات العنصر ومبدع من جهة، وتصريحات الوزير الكروج من جهة أخرى. مصادر مقربة من الكروج علقت على تأخره في التوضيح والرد بالقول «إن الوزير فوجئ بالمعلومات المسربة، وفضل التريث حتى يعرف التفاصيل قبل أن يرد». وأضافت المصادر ذاتها «الكروج كان يخشى أن تكون الفاتورة حقيقية وأصدرها موظف من الوزارة باسمه، لذلك خشي أن ينفي وجودها أصلا ويتضح فيما بعد أنها حقيقية». وقال المتحدث ذاته «نعم، لقد أخطأ الوزير بركونه إلى الصمت، وهو يعي الآن جيدا أن الصمت كان خطأ، إذ كان عليه أن يوضح موقفه منذ البداية». واستنادا إلى بعض المصادر، فإنه «على الرغم من محاولة طي معالم الفضيحة في ظل اختفاء الوزارة، إلا أن الضغوطات على حزب الحركة لازالت مستمرة من أجل كشف الحقيقة، التي بدا واضحا أنها لم تظهر بعد، خصوصا في ظل الارتباك الحاصل لدى الوزير الكروج».