«لماذا حققت كتب بعينها أرقام مبيعات «خيالية»؟ هل للأمر علاقة بالموضوعات التي تتم معالجتها؟ أم بطريقة الكتابة والصياغة؟ أم بوجود اهتمام واسع من قبل القراء؟ ونقوم اليوم بإطلالة على أهم كتب العالم المغربي المهدي المنجرة عُرف المهدي المنجرة، منذ صدور كتابه «الحرب الحضارية الأولى» سنة 1991، بكونه الكاتب المغربي الوحيد الذي بإمكانه تحقيق أكبر المبيعات ما أن تصدر كتبه، حتى وإن كانت هذه الكتب عبارة عن حوارات. إذ نادرا ما استطاع كاتب ما أن يحقق انتشارا واسعا بين القراء، مثلما فعل المنجرة، ابتداء بكتابه المذكور، مرورا ب»حوار التواصل» و»عولمة العولمة» و»انتفاضات في زمن الذلقراطية» و»الإهانة في عهد الميغاإمبريالية»، وانتهاء ب»قيمة القيم» الصادر قبل ست سنوات. ما الذي يجعل كتب المهدي المنجرة، بدون استثناء، تروج على نطاق واسع؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد من التوقف عند نموذج من هذه الكتب الرائجة. وهذا النموذج هو كتاب «عولمة العولمة»، الصادر سنة 1999 في الكتاب الثامن عشر من منشورات الزمن، حيث صدرت منه حتى الآن أربع طبعات. إذ يكشف عبد الكبير العلوي الإسماعيلي، مدير مؤسسة منشورات الزمن، لجريدة «أخبار اليوم» أن السَّحب في كل طبعة بلغ 10 آلاف نسخة، باستثناء الطبعة الأخيرة، التي لم تتجاوز 5 آلاف، مشيرا إلى أن مبيعات الكتاب بلغت ثلاثين ألف نسخة. في حين، لا زالت المؤسسة تروج ما تبقى منها، سواء عبر البيع المباشر أو عبر المعارض الوطنية والجهوية، أو عبر تلبية طلبات المكتبات ونقاط البيع الأخرى. في هذا السياق، يقول العلوي الإسماعيلي إنه لاحظ، خلال المعرض الجهوي الأخير بسلا، أن كتاب «عولمة العولمة» لا زال يلقى إقبالا كبيرا لدى القراء المغاربة، رغم تقادم تاريخ صدوره نسبيا. إذ يعتبر الكتاب من الاستثناءات البارزة في منشورات الزمن، إلى جانب كتب أخرى مثل كتب محمد سبيلا، أو حسن أوريد، أو عبد الله ساعف، أو كتاب «روجي غارودي» «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، الخ. ورغم أن الناشر رفع سعر الكتاب من عشرة دراهم إلى عشرين، إلا أنه ما زال، مع ذلك، موضع اهتمام كبير. لا يَعتبر العلوي الإسماعيلي أن سعر الكتاب هو ما يجعل المغاربة يُقبلون على الكتاب، حيث لا يرى فيه عاملا حاسما، رغم أنه لا ينكر دوره «البسيط»، بحسب تعبيره. إذ يرى أن ذلك مرده إلى اسم الكاتب في حد ذاته، وكذا إلى موقفه ونظرته إلى ذاته ووطنه والعالم. فتحركاته الدولية وجولاته الوطنية ومواقفه القومية الثابتة المساندة لقضايا العراق وفلسطين تجعل القارئ يقبل على تلقي كتاباته، بل وانتظار صدورها بشغف كبير، مشيرا هنا إلى أن حالة نفسية تميز العقلية المغربية، هي نفسية المعارض الذي يتماهى مع جميع المواقف الإنسانية الرافضة للظلم والاستبداد والتسلط، الخ. وهو ما يجعل المهدي المنجرة أحد «الاستثناءات البارزة في المعارضة»، التي تحظى باحترام وتقدير جمهور القراء المغاربة. أما من حيث النشر، يمكن القول إن ظاهرة المهدي المنجرة تدخل في خانة الكتاب الذين لا يطمئنون إلى ناشر واحد، أو لا يطمئنون بتاتا إلى أي واحد منهم. فقد أصدر المنجرة أغلب أعماله على نفقته الخاصة. نذكر هنا على سبيل المثال العناوين الآتية: من المهد إلى اللحد، الإهانة في عهد الميغاإمبريالية، قيمة القيم. إذ كان قد سلم الكتاب الأخير ل»روبيو»، صاحب الكشك الشهير في الرباط، بغية طبعه وتوزيعه. في حين، لا يذكر محمد البوكيلي، صاحب منشورات البوكيلي، الأعداد، التي طبعها أو باعها من كتاب المنجرة «انتفاضات في زمن الذلقراطية»، الصادر ضمن المنشورات ذاتها سنة 2002، رغم أنه يقر أنه طبع الكتاب عدة مرات (جدير بالذكر أن الكتاب كان موضوع دعوى قضائية بين الكاتب والناشر بسبب مقالة كان قد نشرها المنجرة في الصحافة الوطنية عن ناشره). في حين، تذكر مصادر من عالم التوزيع أن مبيعات كتاب المنجرة الشهير «الحرب الحضارية الأولى» بلغت 15 ألف نسخة، سواء في طبعته الأولى الصادرة سنة 1991 ضمن منشورات العيون، أو حتى عندما طبعه على نفقته الخاصة فيما بعد. غير أنه ومقارنة بمجموعة من التصريحات، يتبين أن مبيعات هذا الكتاب الأخير كانت أكثر بكثير من هذا الرقم، على اعتبار أن المهدي المنجرة قام بجولات داخل المغرب وخارجه، باع ووقع خلالها آلاف النسخ، مما يجعل تقدير المبيعات منه مجرد تخمينات فقط، كما يقول أحد الناشرين الذين تعامل معهم المنجرة. غير أن عبد الكبير العلوي الإسماعيلي يفترض أن مبيعات كل كتاب من الكتب الثلاثة لم تصل إلى الرقم الذي حققه كتاب «عولمة العولمة».