تفننت إدارة "معرض الشارقة الدولي للكتاب"، الإماراتية، في مصادرة كتب المفكّر العربي عزمي بشارة من جناح "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" عن طريق "شرائها" دفعة واحدة من قبل الإدارة وجهات أمنية، وبفرض نسبة الحسم الذي تريده على إدارة الجناح. وتتالت التسريبات من داخل المعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن نفاد جميع كتب صاحب "في الثورة والقابلية للثورة" (2012) بعد أن توّجهت إدارة المعرض ومعها جهة أمنية إلى جناح "المركز العربي" وطلبت من مندوبه جميع أعمال بشارة لتشتريها بنصف الثمن، وحين ردّ بأنه لا يُمكنه إجراء حسم بأكثر من 30٪، قاموا بتحذيره من مصادرة كامل الكتب المعروضة في حال رفضه الأمر، ما اضطره للاستجابة لهم. "مصادرة" تتناقض مع تصريحات المنظّمين التي تتكرّر كل عام بأنه "لا يوجد لدينا رقابة على أي كتاب في المعرض، وحتى تلك الكتب التي يُمكن أن تحمل بعض الأفكار الهدّامة والظلامية بين طيّاتها فأفضل وسيلة لمحاربتها هو أن لا تمنعها، عندما تقوم بمنع كتاب فأنت بذلك تمنحه القوّة والتسويق بشكل غير مباشر". وإلى ذلك، تساءل متتبعين، حول ما إن كان هذا الإجراء مع مؤلفّات صاحب "أن تكون عربياً في أيامنا" (2009) "تطوّراً" في مفهوم الرقابة؟ وهل تُصادر كتبه وهي أعمال فكرية على هذا النحو؛ بينما يسمح المعرض ب"الكتب التي تحمل بعض الأفكار الهدّامة والظلامية"؟ وكان عزمي بشارة قد أصدر كتابين جديدين هذا العام، الأول "مقالة في الحرية" (2016) ويتقصى فيه، فلسفياً وسياسياً، قضية الحرية باعتبارها مسألة متعلّقة بالأخلاق وتنطلق من شرط المسؤولية الأخلاقية، وكتابه الموسوعي "ثورة مصر" (في مجلدين) الذي جاء بعد عمليه "الثورة التونسية المجيدة" (2012) و"سورية: درب الآلام نحو الحرية" (2013)، وفيه يحتفظ بشارة بنفس البنية والمنهجية التي تعتمد على التوثيق لمسار الثورة مع الإحالة لخلفيات تاريخية موسّعة تقدّم للقارئ رؤية لميكانيزمات التحوّل الذي يحدث، ومن ثم الاشتباك مع إشكاليات الواقع السياسي العربي وتقديم مقولات حوله. أما أعماله الجديدة الأخرى، فمن أبرزها ثلاثية "الدين والعلمانية" الصادرة في ثلاثة مجلدات بين 2012 و2014. يُذكر أن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، وهو مركز أبحاث أكاديمي يسعى إلى تعزيز العلوم الاجتماعية والإنسانية في العالم العربي، هو الجهة الناشرة لمؤلفات بشارة، كان قد مُنِع من المشاركة في الدورة المنتهية من "معرض أبوظبي الدولي للكتاب"، وسبق أن أغلق جناحه في "معرض جدّة الدولي للكتاب" في ديسمبر 2015. عن " العربي الجديد".