اعتبرت صحيفة واشنطن بوست، في تحليل سياسي نشرته امس للنتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية بالمغرب والتي بوأت حزب العدالة والتنمية الصدارة، أن النجاح الانتخابي لحزب المصباح يعود لمجموعة من العوامل على رأسها ميل الحزب إلى تبني نهج براغماتي شبه علماني في العمل السياسي وابتعاده عن الإيديولوجيا الدينية. وأضافت الصحيفة الأمريكية أن هذه الصيغة في العمل السياسي التي يتبناها الحز المغرب ومعه حركة النهضة في تونس تؤشر على بروز تيار جديد داخل حركة الإسلام السياسي، يفصل بشكل صريح بين الدين والدولة، ويرى أن الشأن السياسي والشأن الديني ينبغي أن ينفصلا عن بعضهما البعض، معتبرة أن سنوات من "التحصيل السياسي" التي قضاها حزب العدالة والتنمية داخل المشهد السياسي المغربي المقيد أنتجت هذه الصيغة. ورأت الصحيفة أن التحدي المطروح الآن على حزب المصباح هو في قدرته "على مواصلة الاضطلاع بدوره المزدوج في العمل من داخل النظام، وفي الوقت ذاته التعامل مع أعطابه الأساسية وفي طليعتها الفساد". وبالعودة لتحليل سر النتائج القوية التي حققها الحزب، أشارت "واشنطن بوست" إلى ضعف باقي الفاعلين السياسيين في المغرب الذي صب في مصلحة الحزب، إضافة إلى الصورة الإيجابية التي يحملها كثير من المواطنين المغاربة عن الحزب "باعتباره حزبا نزيها ومن الصعب توريطه في الفساد، وهو التصور الذي وظفه الحزب لصالحه". وأبرزت الصحيفة الأمريكية أن النجاح الانتخابي يقوم دليلا أيضا على آلة الحزب الانتخابية وتنظيمه القويين في أغلب المراكز الحضرية، ويعود أيضا إلى استمرار الأمين العام للحزب التحرك فوق ذلك الخيط الرفيع، بين تأكيد ولائه للنظام، وتوجيه انتقادات غير مباشرة لحكومة الظل بسبب ما يسميه "التحكم". بالمقابل، ترى الصحيفة أن نسبة المشاركة الحقيقة لم تتعدى 23 في المائة باعتبار وجود 28 مليون مواطن تتوفر فيه شروط المشاركة في العملية الانتخابية، (لم يتسجل منهم إلا 15 مليون، شارك تقريبا 6 ملايين منهم في الانتخابات)، وهو المعطى الذي اعتبرت أنه يدل على "نقص الثقة ليس فقط في الأحزاب السياسية ولكن في النظام الانتخابي برمته". وأشارت إلى ان نتائج اقتراع السابع من أكتوبر أفرزت أيضا تقاطبا سياسيا بين حزب المصباح وحزب الأصالة والمعاصرة، مقابل تراجع للأحزاب التاريخية. واعتبرت، من ناحية أخرى، أن ما أسفرت عنه الانتخابات المغربية يؤكد فرضية غياب التماسك الإيديولوجي في المشهد الحزبي بالمملكة، "فاليوم، لا يملك أي حزب سياسي مهم إيديولوجيا منسجمة، ولا حتى حزب العدالة والتنمية".