ثلاث سنوات كاملة تمرّ على اندلاع «ثورة الياسمين»، تلك الشرارة التي أطلقها الراحل محمد البوعزيزي ورغم تحوّلها إلى مظاهرات حاشدة وغير مسبوقة في تونس، فإن أحدا لم يتوقّع أن تتحوّل إلى سلسلة ثورات سياسية غير مسبوقة في المنطقة العربية، أطاحت بكثير من فراعنتها، وزلزلت قصور رؤسائها، وأنهت حياة عميدها، العقيد الراحل معمر القذافي. لكن وبعد شهور قليلة من «الربيع»، باتت كثير من الحالات تتحوّل نحو الاتسام بخصائص الخريف، بعضها شهد بروزا سريعا لجيوب المقاومة وفلول الأنظمة السابقة، والبعض الآخر غاص في وحل الحرب والمواجهات الدامية. «أول انطباع لدي، هو أننا بصدد كارثة. الربيع العربي لم يتحول فقط إلى خريف للإسلاميين، بل تحول إلى كابوس. أخشى أن تكون المرحلة المقبلة أكثر كارثية على العالم العربي، لأننا إزاء كابوس وكوارث إنسانية وسياسية»، يقول الصحافي المغربي حميد برادة. في المغرب، كانت حركة 20 فبراير أحد العوامل التي أبقت الطريق مفتوحا أمام الملك ليقود المبادرة إلى الإصلاح، والتي جعلت لنفسها سقفا لا يتجاوز المؤسسة الملكية، ويقف عند مطلب الملكية البرلمانية. كما اختارت الحركة أن توجه شعاراتها واحتجاجاتها إلى مؤسسات وشخصيات ورموز، وإن كانت قريبة من المحيط الملكي، إلا أنها كانت أي شيء إلا الملك. وعندما كانت بعض الشعارات تنفلت من رقابة المنظمين، وتمس شخص الملك مباشرة، كانت أغلبية الجهات المنظمة تتبرأ وتنفي. «الربيع العربي أكد الاستثناء المغربي تاريخيا وسياسيا. ومن معطيات هذا الاستثناء وجود تعامل مختلف من طرف القصر مع الإسلاميين، حيث لم تكن هناك فقط المقاربة البوليسية، إنما كان دائما هناك تعامل سياسي معهم»، يقول برادة. ورغم الرجة والحركية اللتين خلقتهما حكومة عبد الإله بنكيران، فإن توالي مرور الشهور الأولى من عمرها، أبان عن بطء في الإنجاز وتراجعات متوالية عن آجال حددتها الحكومة، لنفسها بنفسها، من أجل تحقيق عدة إصلاحات. من بين أهم تلك الإصلاحات المؤجلة، تلك المتعلقة بصندوق المقاصة، حيث كانت الحكومة قد أعلنت، في شهورها الأولى، اعتزامها إنهاء الوضع المختل لهذا الصندوق، والإسراع بسحب الدعم من غير مستحقيه وتوزيعه بشكل مباشر على الفئات الفقيرة. فلم يتحقق من ذلك سوى الرفع من أسعار المحروقات، وبات الإصلاح المنتظر مؤجلا. المحلل والسياسي الاتحادي المعارض، حسن طارق، قال إن مصر أصبحت فجأة ذريعة لكل الصراعات الداخلية والمواقف السياسية والإعلامية، بعدما شهدته الصيف الماضي من تحول درامي في مشهدها السياسي. فيما أستاذ آخر للعلوم السياسية، لكنه قيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، يقرّ بكون المغرب نجح في كسب معركة الاستقرار في انتظار كسب معركة الإصلاح الحقيقي الذي يحلم به المواطنون، لكنّه يصّر على أن سنة 2013، وإن كانت سنة الآمال المجهضة، فإنها كشفت أيضا حجم الرهانات الجيو-استراتيجية على المنطقة. «أعتقد أن المغرب كان مفاجأة الربيع العربي، ويمكن أن أشبهه بالمفاجأة التي حققها فريق الرجاء البيضاوي في مونديال الأندية»، يقول حميد برادة، مضيفا أن هناك ثلاثة عناصر أساسية تحسب للمغرب، وهي الاستقرار، الملكية، والتعامل السياسي من خلال الدستور، «صحيح أن بنكيران واجه مشاكل مع شباط، لكن أعتقد أن النسخة الثانية من الحكومة كانت أفضل لأن بنكيران أدخل التقنوقراط من أجل تحسين عمل الحكومة، وأرى أن حزب الأحرار أفضل لبنكيران من حزب الاستقلال». ماذا تحقق من أحلام الربيع المغربي؟
ما كانت تنتظره 20 فبراير من بنكيران حميد برادة : القصر ساعد بنكيران و شباط "حمقاء وقالوا لها زغرتي"