بعد أن استغرق تحريره أكثر من أربعة أشهر، تقدم عبد الفتاح كمال، النائب البرلماني من حزب الأصالة والمعاصرة ورئيس المجلس الإقليمي للرحامنة، مؤخرا، بعريضة طعن بإعادة النظر في القرار الصادر عن محكمة النقض، بتاريخ 11 فبراير الفارط، والقاضي بتأكيد إلغاء انتخابه بالدائرة الانتخابية رقم 3 بدوار "القسّامة"، التي فاز بها خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة. هذه الدائرة التي كانت شهدت اقتحام مكتب التصويت وتكسير صندوق الاقتراع، قبل أن يتمّ الطعن في انتخابه من طرف منافسه مبارك بلفصّال، من حزب الاستقلال، وتقضي إدارية مراكش، ابتدائيا واستئنافيا، بإلغاء العملية الانتخابية المطعون فيها. هذا الحكم، أكدته محكمة النقض بالرباط، التي رفضت طلب البرلماني بنقض القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، وحمّلته الصائر، ليستمر انتظار تحرير القرار الصادر عن أعلى قمة في هرم التنظيم القضائي المغربي، حتى فاتح يوليوز المنصرم. وقام المرشح الاستقلالي بتبليغه إلى عامل إقليم الرحامنة، عن طريق مفوض قضائي، مطالبا بإجراء انتخاب مكتب جديد للمجلس الإقليمي، لفقدان الرئيس الحالي للأهلية القانونية بعد أن خسر مقعده الجماعي، الذي تمّ على أساسه انتخابه كرئيس لهذا المجلس. محاميا البرلماني "البّامي"، بوشعيب البوعمري ومحمد فؤاد بناني، من هيئة الدارالبيضاء، اعتبرا، في عريضة "إعادة النظر"، بأن قرار محكمة النقض "مشوب بعدم التعليل وتحريف الوقائع"، مستندين إلى الفصلين 375 و379 من قانون المسطرة المدنية للقول بأن "القرار حاد عن التعليل"، قبل أن يعودا، في معرض توضيحهما لوسائل النقض، ويؤكدا على أن محكمة النقض عللت قرارها بأن عشرة أشخاص اقتحموا مكتب التصويت، نصف ساعة بعد بداية الاقتراع، ثم حملوا الصندوق وأخرجوه من المكتب وكسروه، وهي الوقائع التي اعتبرتها مؤثرة على سلامة وصحة الاقتراع. كما عللته بأن استبدال الصندوق المكسر واستئناف العملية الانتخابية، بعد توقفها لحوالي ساعة من الزمن، يدخل في باب "المناورات التدليسية" التي أفسدت العملية وجعلت إعادتها واجبة قانونا. في المقابل، أشار المحامي عبد الصادق عبيد، من هيئة مراكش، في مذكرة جوابية نيّابة عن المرشح الاستقلالي، إلى أن العريضة ناقشت جوهر النازلة و وقائع القضية، وما سبق أن بتت فيه محكمة النقض، وهو ما اعتبره "خارج سيّاق المسطرة المتعلقة بإعادة النظر"، باعتبارها من طرق الطعن غير العادية لمراجعة الأحكام القضائية، موضحا بأن العريضة لا علاقة لها بالحالات السبع المحددة في المادة 402 من قانون المسطرة المدنية، والتي حصرت نطاق تطبيق مسطرة إعادة النظر في "إذا بتت المحكمة فيما لم يُطلب منها، أو حكمت بأكثر مما طلب، أو إذ أغفلت البت في أحد الطلبات"، "إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى"،"إذا بُني الحكم على مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة،وذلك بعد صدور الحكم"،"إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة من الطرف الآخر"،"إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم"،"إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف واستنادا لنفس الوسائل بحكمين انتهائيين ومتناقضين،وذلك لعلة عدم الإطلاع على حكم سابق أو خطأ واقعي"،و"إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين". هذا،وقد وجّه المستشارون الاستقلاليون بجماعة الجعافرة شكاية إلى وزير الداخلية،يطالبون فيها بإعطاء تعليماته بتنفيذ قرار محكمة النقض وإجراء انتخاب مكتب جديد للمجلس الإقليمي،مشيرين إلى أن الهدف من العريضة هو كسب مزيد من الوقت وتأخير تنفيذ حكم صادر عن أعلى سلطة قضائية،مؤكدين بأنه إذا كانت الفقرة الأولى من المادة 406 من قانون المسطرة المدنية تنص على أنه" يرفع طلب إعادة النظر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويجوز أن يبت فيه نفس القضاة الذين أصدروه"،فإن الفقرة الثانية من المادة نفسها تشدد على أنه " لا يوقف الطلب تنفيذ الحكم". وأضافوا بأن عامل الإقليم توصل منذ شهر تقريبا بقرار محكمة النقض،محذرين مما وصفوه ب "سوابق عامل الرحامنة في التماطل في تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية الصادرة باسم الملك محمد السادس، أو عدم تنفيذها من الأصل"،مستدلين على ذلك بتغاضيه عن حالة التنافي التي استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر،والتي ظل خلالها البرلماني نفسه يجمع بين رئاسة جماعة "الجعافرة" والمجلس الإقليمي للرحامنة،في خرق للمادة 16 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، وهو ما اعتبروه "خرقا تم إرضاء للحزب المتحكم في المنطقة". كما وجهوا شكاية إلى وزير العدل والحريات حول مآل التحقيق في مصرع مناضل استقلالي عُثر عليه مضرجا في دمائه،بتاريخ الخميس 5 ماي المنصرم،بينما دراجته النارية ملقاة إلى جانبه في حالة جيدة،غير بعيد عن وحدة لتربية الدجاج بالجماعة نفسه، في ملكية شقيق البرلماني كمال،كما طالبوه بمحاسبة المسؤولين عن عدم تنفيذ حكم قضائي نهائي أدان ابنتي شقيقة البرلماني المذكور بست سنوات نافذة في جريمة قتل،واللتين يقولون بأنهما لازالتا حرتين طليقتين،مستفيدتين من التغطية السياسية بسبب نفوذ قريبهما،قبل أن تفاجأ عائلة الضحية بالنيّابة العامة تبرّر عدم اعتقالهما بأن الحكم أصبح مشمولا بالتقادم،بذريعة أن قرار إدانتهما من طرف غرفة الجنايات الاستئنافية بمراكش،برئاسة القاضي محمد شافا،كيّف جريمة القتل على أنها مجرد جنحة.