أسدل الستار، زوال أول أمس الأحد،على الفصل الأخير من قضية مصرع مهاجر مغربي في"ضيافة" شرطة مراكش،بعد أن تم اعتقال عميد الشرطة "محمد خربوش"،المدان الوحيد في القضية بعشر سنوات سجنا نافذا. والذي ظل في حالة فرار منذ 19 ماي من سنة 2011،تاريخ صدور مذكرة بحث وطنية في حقه من طرف الإدارة العامة للأمن الوطني،والتي أصدرت في نفس اليوم قرارا بفصله من وظيفته. اعتقال عميد الأمن محمد خربوش،والذي تم في حاجز للشرطة في مدينة خريبكَة،كان نتيجة حتمية لاشتداد الخناق عليه،بعد الضغط الذي مارسته العديد من المنظمات الحقوقية المحلية و الدولية بطلب من عائلة المهاجر،وكان آخرها رسالة وجهتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"،التي تُعنى بمراقبة حقوق الإنسان في مختلف دول العالم،إلى السلطات المغربية،تلفت فيها النظر إلى أن رجل لا زال حرا طليقا رغم إدانته بمقتضى حكم قضائي نهائي. وتعود أطوار القضية إلى تاريخ 25 يوليوز من سنة 2002،حين كان المهاجر المغربي بالديار الفرنسية "آيت سي رحال" يرتشف فنجان قهوة بإحدى مقاهي مراكش،دون أن يدور في خلده ولو للحظة واحدة بأنه آخر فنجان قهوة يحتسيه في حياته،وبأنها زيارته الأخيرة للمدينة الحمراء التي كان يعشقها و يتردد عليها بين الفترة والأخرى كلما حل بالمغرب رفقة زوجته وأبنائه. دخل المهاجر المغربي، وكان في ال52 من عمره،في نزاع بسيط مع زبون آخر في المقهى ثم تطور الأمر إلى مشاجرة حقيقية بينهما،قبل أن تتدخل الشرطة،حوالي الساعة السابعة والنصف من مساء نفس اليوم، وتلقى عليه القبض وتحيله على الدائرة الأمنية الأولى بمراكش. حوالي ساعة من الزمن بعد هذا الحادث، حلت زوجة المهاجر المغربي وشقيقه بمقر الدائرة الأمنية، بعد أن تلقيا اتصالا هاتفيا بأنه رهن الحراسة النظرية هناك.لم تستغرق زيارتهما للدائرة الأمنية طويلا،فقد أصيبا بصدمة شديدة حين وجداه في حالة غيبوبة،ليطلبا من رجال الأمن نقله إلى المستشفى،وهو ما تمت الاستجابة له،بعد إجراء الاتصال بالنيابة العامة، ليتم نقله، حوالي الساعة الثامنة والنصف مساء، على متن سيارة إسعاف إلى مستشفى ابن زهر (المامونية)، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بعد نحو ساعتين من الزمن. وفي اليوم الموالي تقدم الشقيق والزوجة بطلب دعم ومؤازرة إلى الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان،والتي تقدمت بشكاية أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تطالب فيها بفتح تحقيق حول وفاة المهاجر المغربي في ضيافة الشرطة،وبإجراء تشريح طبي للجثة لتحديد الأسباب الحقيقية للوفاة،خاصة وأن الشقيق والزوجة تحدثا عن أنهما كانا شاهدا عيان على واقعة تعرضه لاعتداء جسدي بمقر الدائرة الأمنية أدى إلى مصرعه،مع تحميل المسؤولية إلى ضابط الأمن المسؤول،والذي لم يكن سوى رجل الأمن محمد خربوش. التقرير الطبي للتشريح، والذي أكد بأن الضحية تعرض للتعنيف وبأنه أصيب بكدمات على مستوى صدره، اعتُبر دليل إدانة واستند إليه بقوة دفاع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان،التي نصبت نفسها طرفا مدنيا،أمام غرفة الجنايات باستئنافية مراكش،والتي أدانت خربوش بعشر سنوات حبسا نافذا،ليتقدم المتهم بطلب نقض الحكم أمام المجلس الأعلى للقضاء،وهو الطلب الذي تم رفضه،ليتوارى بعدها عن الأنظار بعد صدور مذكرة بحث في حقه،علما بأن رجل الأمن المذكور تمت ترقيته خلال مرحلة المحاكمة، التي استمرت تسع سنوات،من ضابط إلى عميد أمن،قبل أن يصدر قرار يضع حدا لمسيرته المهنية،ويتم اعتقاله وإيداعه بالسجن المدني"بولمهارز"بمراكش.