يبدو أن الحلم بأن يتحول المغرب إلى بلد بترولي بدأ يتبخر شيئا فشيئا، خصوصا بعد إعلان شركة «كيرن إنرجي» الاسكتلندية أن التنقيبات النفطية الأولى في الساحل المغربي الأطلسي كشفت أنه لا توجد احتياطيات للنفط أو الغاز على مدى السنة التي تنقضي، عمت تباشير الفرح في مختلف الأوساط المغربية، عندما أعلنت مصادر متعددة داخل المغرب وخارجه وجود كميات كبرى من البترول في الأراضي والسواحل المغربية، شركات تنقيب ووسائل إعلام وطنية وأجنبية تناقلت أخبار الاحتياطي «الضخم» من النفط والغاز بالمغرب، بما يقدر بملايين البراميل، غير أن خبرا صادما ستنشره قبل أسبوع الشركة العملاقة «كيرن انرجي» الاسكتلندية المتعاقدة مع المغرب من أجل التنقيب عن النفط، على امتداد الشريط الساحلي بين المغرب وجزر الكاناري، حين أعلنت «كيرن انرجي» في بيان على موقعها الرسمي، أن التنقيبات النفطية الأولى في الساحل المغربي الأطلسي، شمال شرق جزر الكناري، كشفت أنه لا توجد احتياطيات للنفط أو الغاز في منطقة التنقيب، وأضافت الشركة المتخصصة أنها حفرت بالفعل أول بئر في الشبكة، التي تهدف إلى استكشاف حوض «فوم درعة 1 الأطلسي» عند نقطة تقع على بعد 120 كيلومترا جنوب سواحل أكاديرعلى عمق 1500 متر تحت سطح البحر، وصل الحفر إلى عمق 5255 مترا، حيث تم الوصول إلى أقدم طبقة مكتشفة حتى الآن في المياه العميقة للمغرب. عينات الغاز التي أخذتها الشركة تشير إلى وجود «نظام بترولي نشط في هذا المجال»، ولكن ليس هناك احتياطي بحيث يمكن استخراجه. التقديرات الأولية لمنطقة فوم درعة كانت تتنبأ بإمكانات تصل إلى 126 مليون برميل من النفط. هكذا، ستتبخر آمال المغاربة في تحول المملكة إلى بلد نفطي. وزير الصناعة والطاقة والسياحة الإسباني «خوسيه مانويل سوريا»، الذي كان يخوض معركة إقناع الحكومة المحلية بالتنقيب عن النفط، معتبرا أن المغرب على وشك اكتشافات ضخمة ستضع الجارة الإيبيرية في موقف سخيف. علق، أمس الاثنين، على النتائج السلبية للتنقيبات الأولى بالمغرب، قائلا: « رغم أنه لم يتم العثور على النفط في الحفر الأولي الذي أجري بالمغرب، فإن هذا لا يعني الاستغناء عن نتائج المسوحات المستقبلية التي يتعين الاضطلاع بها قبالة سواحل الكناري». فيما رد رئيس حكومة الكناري، «باولينو ريفيرو»، المعارض بشدة للتنقيب قبالة الجزر، معتبرا أن خبر عدم وجود بترول، هو فرصة لتركيز الجهود على إمكانيات الطاقة النظيفة، وأكد أن الكناري ومؤسساتها ستستمر في معارضة التنقيب عن النفط. مديرة المكتب الوطني للمحروقات، أمينة بنخضرة، وفي تصريح خصت به «اليوم24» قالت: « إن عمليات التنقيب الأولية، والتي أبانت عن نتائج غير إيجابية تؤكد ما سبق، وإن صرحنا به في العديد من المناسبات، على أن عملية التنقيب عن النفط جد طويلة وتتميز بالمجازفة، كما أنها تتطلب إمكانيات مالية جد ضخمة». بنخضرة اعتبرت أن عمليات الحفر خلال نهاية السنة، والتي انطلقت من شهر أكتوبر وعرفت إنجاز أربعة آبار، على الرغم من أنها لم تقد إلى العثور على الممكن، وكذا الصخور الخازنة، فإن هاته البئر قد مكنت من الحصول على معلومات جديدة ستساعد على فهم وتدقيق الأنظمة النفطية بهاته المنطقة. ومكنت عملية الحفر من الوصول إلى عمق 5255 متر حسب ما كان مبرمجا، وعليه توجه شركاء المكتب إلى سواحل طرفاية قصد إنجاز بئر ثانية هناك، بغرض أهداف جيولوجية أخرى. وستتم عملية الحفر بنفس الحفارة التي أنجزت البئر الأولى. أما في منطقة الغرب، وضمن الاتفاقية النفطية المبرمة بين كولفساندز والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن والتي تنص على إنجاز خمسة آبار، فقد تم إنهاء اثنين منها، ورغم النتائج غير الإيجابية لهاتين البئرين، فإن الشركة ستتابع برامجها. محللون مغاربة اعتبروا الأمر عاديا ولا يستدعي هذه التخوفات، وقال الأكاديمي في الاقتصاد عبد الخالق التهامي في تصريح ل «اليوم24»، «خبر عدم اكتشاف أو استخراج البترول لا يغير من الوضع الاقتصادي الوطني شيئا. المغرب يعيش من دون نفط منذ الاستقلال، وبالتالي فإن عدم اكتشافه يستدعي الاستمرار في المسار العادي للاقتصاد المغربي.» المكتب الوطني للمحروقات أشار إلى أنه يعتبر سابقا لأوانه في المرحلة الحالية الإعلان عن نتائج نهائية، لكوننا نوجد في المرحلة الراهنة في المراحل الأولى من البرنامج الطموح للتنقيب عن الهيدروكاربورات في كل من المناطق البرية والبحرية للمملكة. وأكد المكتب على أن عملية التنقيب عن النفط تتطلب حفر العديد من الآبار قبل الحديث عن نتائج إيجابية .