قدم وزير الدولة عبد الله بها أطروحة جديدة في المجلس الوطني، مختلفة عن أطروحة البناء الديموقراطي، التي اعتمدها الحزب في مؤتمره الأخير، ويمكن وصفها بأطروحة "الإستقرار أولا، ثم الإصلاح المتاح". هذه الأطروحة مفادها حسب قول الوزير بها الذي كان يرد مساء السبت الماضي على أسئلة أعضاء المجلس الوطني، أن " الإصلاح يتم بالتدريج وحسب ما هو متاح"، وأن "أساس السياسة هو جلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها" وأن "الإصلاح في ظل الاستقرار، خيار صعب وليس سهلا"، ولكن "الدولة الآمنة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها". وحذر بها، من "التنازع الذي سيكون مآله الفشل"، (يقصد التنازع مع المؤسسة الملكية)، ودعا للتعاون "من أجل تحقيق نتائج إيجابية لمصلحة الوطن". وجاء جواب وزير الدولة، والرجل الثاني في حزب العدالة والتنمية على عدد من المداخلات في المجلس الوطني التي انتقدت تأخر الإصلاحات، وحذرت من تأثر شعبية حزب العدالة والتنمية بسبب عدم وفائه بالتزامته. الوزير، بها، دافع بشدة عن "التنازلات" التي قدمها الحزب خلال تشكيل النسخة الثانية من الحكومة، ووصفها بأنها "تنازلات إستراتيجية ليس للحزب ولكن لفائدة المجتمع والدولة". وعلق أعضاء من المجلس الوطني، على أطروحة الوزير بها، بأنها "أطروحة جديدة مختلفة على الأطروحة التي تبناها آخر مؤتمر للحزب". من جهة أخرى تمكن عبد الإله ابن كيران من اجتياز، أكبر امتحان له أمام المجلس الوطني لحزبه، نهاية الأسبوع الماضي، حين حصل على دعم سياسي من المجلس، بعد الجدل الذي عرفه تشكيل النسخة الثانية من الحكومة بسبب التنازلات التي قدمها الحزب. وعكس التوقعات، فقد تميزت النقاشات السياسية داخل المجلس بحدة أقل، فمن أصل أزيد من 70 تدخلا، خلال مناقشة التقرير السياسي الذي قدمه ابن كيران، لم يسجل سوى مداخلات قليلة تناولت بالنقد، الإخفاق السياسي للحكومة، في القيام بالإصلاحات، وهي تدخلات اقتصرت على شخصيات عرفت بانتقادها للتدبير السياسي للمرحلة، مثل مداخلات عبد الصمد السكال، وعبد العالي حامي الدين وخالد الرحموني، فضلا عن تدخلات عدة برلمانيين، عبروا عن قلقهم من إخفاق حزبهم في تحقيق ما وعد به من إصلاحات، كما وجهت انتقادات للتقرير السياسي الذي ركز على استعراض منجزات الحكومة، في حين كان يجب أن يركز على تقييم أداء الحزب السياس، كما انتقدت مداخلات أخرى، غموض موقف الحكومة بخصوص الانتخابات المقبلة، وعدم الوفاء بالمراجعة الشاملة للوائح الانتخابية. وبالمقابل، سجل وزراء حزب العدالة والتنمية حضورا باهتا، حيث لم تسجل لهم اية مواقف سياسية، ولم يتدخلوا خلال مناقشة التقرير السياسي، فيما انصبت بقية مداخلات أعضاء المجلس على قضايا تقنية، وتنظيمية، و أحيانا مطلبية، وهو برره بعض أعضاء المجلس ب"تركيبة المجلس الوطني التي بات يغيب عنها النقاش السياسي". وبدا ابن كيران مرتاحا، خلال حضوره للجلسة الافتتاحية، ولعل ما طمأنه أكثر هو كلمة سعد الدين العثماني، الذي أكد على تماسك الحزب، ودعا الى عدم الرهان على انشقاق الحزب. ابنكيران لم يحضر سوى جزءا من النقاشات حول لتقرير السياسي، حيث اضطر للسفر الى مراكش لحضور لقاء مع أمير قطر الذي يوجد في زيارة للمغرب، لكن قبل مغادرته للاجتماع قام بالرد على حوالي 30 تدخلا، قبل أن يواصل عبد الله بها الاستماع الى بقية التدخلات والرد عليها. ابن كيران دافع عن اختياراته، وبرر إخفاقاته، تارة بمواقف شباط، وتارة أخرى بالخريف العربي والمحيط الاقليمي، معتبرا أن بقاء الحكومة في حد ذات إنجاز، لأن "بعض الخيارات التي كان قد وضعها البعض في الحسبان هي أن يتم العصف بهذه الحكومة وإنهاء تجربتها بطريقة أو بأخرى". مشيرا إلى أن "الحكومة كانت تشتغل في عاصفة هوجاء". وبخصوص الانتخابات، أشار ابن كيران الى أن مواقف حزب العدالة والتنمية بخصوص الانتخابات لازالت قائمة ومنها مراجعة شاملة للوائح الانتخابية. لكن الوعد الذي قدمه ابن كيران بأن تكون سنة 2014 هي سنة الإصلاحات، امتص كثيرا من الغضب لدى أعضاء المجلس الوطني، خاصة أن ابن كيران، أصر على أن هذه الإصلاحات ستتم سنة 2014 ب"أي ثمن".. لكن السؤال المطروح، هو "ما هو الثمن الذي سيؤديه الحزب إذا لم يقم بالإصلاحات في السنة القادمة؟