ارتياح مطبوع بالقلق والحذر ذلك الذي يسود في المغرب بعد انتصار الحزب الشعبي الإسباني، بقيادة ماريانو راخوي، والهزيمة النكراء الذي تعرض له التحالف الراديكالي "معا نستطيع"، بزعامة السياسي المعادي لوحدتا الترابية بابلو إغليسياس، في الانتخابات التشريعية المعادة، التي جرت، يوم أمس الأحد، بالجارة الشمالية. مصدر هذا القلق والحذر غير المعلن رغم هذا الارتياح الواضح، حسب سياسيين وإعلاميين ومتخصصين مغاربة في الشأن الإسباني، يعود إلى الإزعاج، الذي يمكن أن يشكله "تحالف نستطيع" وبعض التشكيلات السياسية للمغرب في المعارضة من خلال مبادرة تستهدف وحدتنا الترابية، علاوة على صعوبة التكهن بمعالم الحكومة المقبلة لأنه، إلى حدود الساعة، لا يتوفر أي حزب على الأغلبية المطلقة، كما أنه لا اليمين بكل أطيافه، ولا اليسار يتوفران على الأغلبية في مشهد يبدو أن الجميع يحتاج إلى الجميع. وكانت نتائج، أمس، في جانب منها صادمة، خصوصا تعزيز الحزب الشعبي نفوذه في الصدارة بالحصول على 137 مقعدا من أصل 350 مقعدا، بنسبة 33.03 في المائة، مقابل هزيمة تحالف "معا نستطيع"، الذي حصل على 71 مقعدا فقط بنسبة 21.1، محتلا بذلك المرتبة الثالثة بعد أن كانت استطلاعات الرأي منحته الرتبة الثانية، التي عادت إلى الحزب الاشتراكي بعد حصوله على 85 مقعدا بنسبة 22.6 في أسوء "نتيجة انتخابية" منذ تأسيسه. لكن الخبراء المغاربة والإسبان يرون أن الحزب الاشتراكي بقيادة بيدرو سانتشيز نجا من كارثة حقيقة، ولو صدقت استطلاعات الرأي، التي كانت وضعته في المركز الثالث خلف "معنا نستطيع"، أي فقدان تزعم اليسار الإسباني؛ في حين تعرض الصاعد الجديد حزب "مواطنون" لضربة موجعة بعد تراجعه من 40 مقعدا في الانتخابات الأولى في عام 2015 إلى 32 مقعدا، يوم أمس الأحد بنسبة 13.5؛ فيما عادت 9 مقاعد المتبقية إلى تشكيلات سياسية قومية. وتعليقا على وقع نتائج، يوم أمس، على المغرب والسيناريوهات المقبلة المحتملة، كشف وزير الخارجية السابق، سعد الدين العثماني، في اتصال هاتفي مع "أخبار اليوم" أن فوز الحزب الشعبي الإسباني بزعامة ماريانو راخوي بالانتخابات التشريعية التي جرت يوم أمس الأحد، مفيد للمغرب، نظرا إلى التقارب والتعاون على جميع المستويات الذي حصل بين المغرب والحكومة الإسبانية المنتهية ولايتها، التي قادها "راخوي". وأضاف العثماني أن الارتياح الحالي في ظل سقوط تحالف "معنا نستطيع" بقيادة بابلو إغليسياس، لا ينفي وجود قلق مستقبلي بعد هذه الولاية من إمكانية تصاعد نفوذ الراديكاليين، داعيا إلى فتح حوار رسمي وسياسي ومدني مع "بوديموس". أما الإعلامي المتخصص في الشأن الإسباني، نبيل دريوش، فأكد ل"أحبار اليوم"، أن هناكا رتياح في المملكة بعد إعلان النتائج النهائية في إسبانيا، التي تصدرها الحزب الشعبي، الذي كان قريبا من المغرب في الولاية التشريعية الأخيرة، وهزيمة تحالف "معا نستطيع" المعادي للمصالح المغربية، خصوصا قضية الصحراء. وحذر نبيل دريوش من أن "وجود بابلو إيغليسياس في المغرب سيكون مصدر إزعاج حقيقي للمغرب من خلال مبادرات في البرلمان تعادي وحدتنا الترابية". من جهتها، عبرت البرلمانية والأستاذة المتخصصة في العلاقات المغربية الإسبانية، كنزة الغالي، عن ارتياحها بفوز ماريانو راخوي وهزيمة بابلو إغليسياس، وأشارت إلى أنه لا يمكن للمغرب إلا أن يكون مرتاحا من النتائج النهائية بعد سقوط المناوئين لوحدتها الترابية، في المقابل لم تخف النائبة الاستقلالية توجسها من صعوبة التكهن والتخمين بالسيناريوهات المقبلة لتشكيل الحكومة في إسبانيا، مما يتطلب من المغرب الترقب والانتظار. كما أكد عبد الرحمان المكاوي، الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، ارتياح المغرب من فوز ماريانو راخوي بالانتخابات الإسبانية، والخسارة الكبيرة لتحالف "معنا نستطيع" بقيادة بابلو إغليسياس المعادي والمعارض لوحدتنا الترابية، كما أن التعاون الأمني بين البلدين في مجال محاربة الإرهاب سيزداد قوة مع اليمين، أو الحزب الاشتراكي.